ما معنى المناطق الآمنة في سوريا الآن ؟
ما معنى المناطق الآمنة في سوريا الآن ؟ما معنى المناطق الآمنة في سوريا الآن ؟

ما معنى المناطق الآمنة في سوريا الآن ؟

إنشاء مناطق آمنة في سوريا الآن، لا يفيد المعارضة، ولا يضر النظام. فالمناطق الآمنة لكليهما، تكاد تكون قائمة على الأرض، خاصة بعد قرار وقف إطلاق النار الأخير، الذي تلى معركة حلب. وبعد عمليات التهجير الطوعي أو القسري من المناطق الساخنة، إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة، وأخرى يسيطر عليها النظام.

المناطق الآمنة أصبحت، واقعًا يمكن رؤيته في أكثر من مكان. وهناك فرزطائفي، وعرقي ومناطقي للأجزاء التي تعد عمقًا للنظام، وتلك التي تتحصن فيها المعارضة.

وما هو مطروح لن يوقف القتال في بعض البؤر المشتعلة، إما بسبب أهميتها الاستراتيجية في تثبيت عملية الفرز، أو لأنها من بقايا معارك لم تحسم قبل التوافق على وقف إطلاق النار.

المناطق الآمنة ليست مناطق لحماية المدنيين، أو لمنع تدفق اللاجئين كما توحي التسمية، بل لتخفيف العبء الإنساني أو السياسي، عن الأطراف الخارجية المتورطة بالحرب، أو المشاركة بتداعياتها أو تحمل آثارها. ولذلك لم يكن غريبا أن تلاقي دعوة الإدارة الأمريكية الجديدة بإقامة مناطق آمنة، أذنًا صاغية، بعكس المرات السابقة التي طرح فيها مثل هذا الاقتراح، وقبل التطورات الميدانية، والعسكرية التي شهدتها جبهات القتال العسكرية أو حواضنها المدنية.

الحديث عن المناطق الآمنة لم يبدأ بتصريحات الرئيس ترامب عند وصوله للبيت الأبيض، بل كان جزءًا من حملته الانتخابية أيضاً، حيث كان يعلن بملء الفم أنه ضد السماح للاجئين السوريين بدخول الولايات المتحدة، وينتقد أسلوب تعامل الدول الأوروبية والغربية الأخرى مع قضية اللاجئين، وأنه كان يفضل بدلاً من ذلك أنشاء مخيمات للاجئين داخل الأراضي السورية أو على حدود الدول المتاخمة لها، لا فتح الأبواب لهم واستيعابهم .

الاقتراح إذن لم يكن نوعًا من المساهمة في توفير الأمن للاجئين، بل إيجاد مأوى بديل لهم عن الدول الغربية التي استضافت مجموعات منهم، ومنها الولايات المتحدة نفسها.

واقع الأمر فإن المناطق الآمنة المقترحة هي المناطق المحمية بالفعل. فالمناطق الحدودية مع تركيا هي ميدان لقوات التحالف الذي يقوم بطلعات جوية منتظمة لملاحقة فلول داعش أو لمنع المعارضة الكردية من إقامة جيب يحظى بالحكم الذاتي.

وهناك تنسيق مع القوات الجوية الروسية والسورية لمنع أي إحتكاك أو تداخل بين العمليات الجوية في مناطق التماس، مما يعني أن هذه المناطق محمية نسبيا، أو أن كلفة حمايتها عسكريًا أو سياسيًا محدودة، ولا تشكل من الناحية العسكرية أو السياسية تغييرًا أساسيًا في قواعد اللعبة هناك.

الاقتراح من الناحية العسكرية لن يقدم أو يؤخر على صعيد المواجهات المستمرة بين النظام والفصائل التي توصف بأنها تنظيمات متطرفة لا بالمعيار الروسي ومعيار النظام في دمشق بل بالمعيار الأمريكي أيضًا. ولذلك من غير المحتمل أن تكون هذه المناطق من بين المناطق الآمنة التي يجري الحديث عنها. وإذا أضفنا لها تلك المناطق التي تسيطر عليها داعش شرق سوريا، فإن ما يتبقى من مناطق يمكن أن تكون ملاذات آمنة للمدنيين، لا يتعدى شريطًا ضيقًا في الشمال وآخر في الجنوب.

ما يجري الحديث عنه بشأن المناطق الآمنة قد يكون صيغة، لتثبيت وقف إطلاق النار الهش بين النظام والفصائل التي يمكن أن تنخرط في العملية السياسية التي يجري التحضير لها، أولفض الاشتباك بين الفصائل التي يمكن احتواؤها ضمن أي صيغة من صيغ المصالحة، وتلك التي لايمكن أن تكون شريكاً، لا في التفاوض مع النظام، ولا ضمن صفوف المعارضة.

وفي كل الأحوال، وسواء تم التوافق على المناطق الآمنة، أو ظلت نوعًا من الحراك السياسي لتقطيع الوقت الفاصل بين جولات التفاوض، فإن مناخ الأزمة السورية، يتحول من مرحلة عض الأصابع لفرض حلول مستحيلة، إلى مرحلة التفاوض لإيجاد مخارج ممكنة.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com