ماذا لو عاد مرسي للسلطة؟
تاج الدين عبد الحق
حتى لو تم الوصول إلى حل وسط يحفظ ماء وجه الاخوان المسلمين ، ويرضي الاطراف الدولية، التي تضغط دعما لهم ، وحتى لو استطاعوا استعادة السلطة، فإن الاخوان لن يكونوا قادرين على ترميم صورتهم ولا استرجاع تلك الهالة الدينية والسياسية التي رافقت تجربتهم داخل مصر أو خارجها .
فالصراع مع السلطة ، غير الصراع على السلطة . في الحالة الأولى كان الاخوان ضمن نسيج عريض من قوى المعارضة ، لكن في صراعهم على السلطة ، انفضت مختلف التيارات السياسية ، من حولهم وأصبحوا في مواجهة الجميع ، بل وفي مواجهة من كانوا حتى الامس القريب ، في عداد الحلفاء والشركاء .
الإخوان أمام ثلاث إحتمالات ، لايبدو ايا منها في صالحهم ، حتى لو كان في الظاهر غير ذلك .
لنفترض مثلا أنهم عادوا للسلطة عودة مظفرة ، واعيد الدكتور مرسي رئيسا للجمهورية .ظاهر الامر يحمل إنتصارا للجماعة ، وإندحارا لخصومهم . لكن مثل هذا الانتصار يحمل نذر مواجهات اخرى اشد مضاضة من كل ما حصل . قالاخوان سيعودون وهم مسلحون بروح الانتقام، ونشوة النصر ، وهذا سيجعلهم في مواجهة شاملة مع كل من يتهمونهم بسلب السلطة، بدءاً من الجيش والشرطة، ومرورا بالاعلام والقضاء، وإنتهاء بالقوى الحزبية والسياسية التي تختلف معهم ، أو تحملها مسؤولية المساعدة في إقصائهم عن السلطة .
الاحتمال الثاني أن يتجرع الإخوان كأس الهزيمة ويدركوا أن استعادة السلطة أمر صعب المنال . وسيكونون في هذه الحالة أمام خيارين : إما العودة للعمل السري، بما يحمله من شبهة العنف وبما لا يتلاءم مع الاجواء السياسية الجديدة في مصر .
وإما الدخول في حالة بيات سياسي ، والتركيز على النقد الذاتي وتحديد اسباب الاخفاق، وكيفية الخروج من الازمة، وهو ما يعني أنهم سيكونون عرضة للتآكل الداخلي، والخلافات بين قيادات الجماعة وبين القيادة والقواعد ، وكان لذلك ارهاصات بالفعل عندما ظهرت مجموعة شباب الاخوان خلال شهور الازمة التي اعقبت الاطاحة بمرسي .
أما الاحتمال الثالث أن يقبل الاخوان تسوية من نوع ما، لايستعيدون من خلالها السلطة لكنها تبقيهم طرفا في اللعبة السياسية وتعطيهم فرصة اخرى لخوض الانتخابات الرئاسية والتشريعية من جديد . ومثل هذا الاحتمال سيضع الاخوان في قفص الاتهام ويحملهم المسؤولية عن الضحايا الذين سقطوا في مواجهات ، ستوصف في هذه الحالة، بأنها كانت مواجهات عبثية، حدثت بسبب تجاهل قيادات الجماعة لكل الوساطات، والمحاولات، لإيجاد مخرج سلمي للازمة، وبسبب اصرارهم على استعادة السلطة بالاكراه واستخدام العنف . ومرة اخرى فإن هذا الاحتمال يهدد الجماعة بالانقسام ويؤثر على حظوظهم في أي انتخابات مقبلة ، خاصة وأن تجربة الانتخابات المقبلة ستكون مختلفة، بعد أن اصبحت القوى السياسية المنافسة أكثر تنظيما ، وتوفرت لديها قدرة أفضل للحشد الجماهيري، كما تجلى ذلك في إنتفاضة 30 يونيو .
في ضوء هذه الاحتمالات الثلاث التي يبدو احلاها مر ، فإن الاخوان في مصر سيفقدون إلى جانب الخسارة الداخلية الدعم الخارجي ، الذي استقووا به في معركة استعادة السلطة . فالعالم الغربي الذي ابدى بعضه تعاطفا مع الاخوان في تلك المعركة ، لن يتردد في ادانتهم إن هم لجأوا للعنف والعمل السري أو إن تغلبت عليهم مشاعر الانتقام ، إن عادوا للسلطة .
كما أن القوى الغربية ستعيد حساباتها إزاءهم ، إن هي وجد ت أنهم فقدوا بسبب معركة استعادة السلطة رصيدهم السياسي ، وتاثيرهم الشعبي . مما يعنى أن التأييد الذي تحظى به الجماعة اليوم من بعض الاطراف الدولية هو تأييد مؤقت ، سيتبدد عندما يبدأ الجميع حساب الارباح والخسائر