التشكيك بوطنية الشيعة في الخليج
التشكيك بوطنية الشيعة في الخليجالتشكيك بوطنية الشيعة في الخليج

التشكيك بوطنية الشيعة في الخليج

ربما يكون شيعة الخليج، هم الأكثر تضررا، من ردة الفعل الإيرانية على قرار مملكة البحرين إسقاط الجنسية عن رجل الدين الشيعي عيسى أحمد قاسم.

فردة الفعل "الغاضبة" التي تجاوزت فيها طهران كافة الأعراف، والتقاليد الدبلوماسية، صورت شيعة الخليج كما لو أنهم تابعون لها، وأنهم موجودون في دول المنطقة كطابور خامس لإيران، وأنها هي المسؤولة عن سلامتهم وعن شؤونهم، وعن حقوقهم أو انها الناطق باسمهم.

هذا السلوك الإيراني المرفوض سياسيا ودبلوماسيا، هو مرفوض أخلاقيا، كذلك، لأن فيه تشكيك بوطنية وولاء مكون أصيل من مكونات المجتمع الخليجي، ومحاولة للإيحاء بأن شيعة الخليج هم طارئون على أوطانهم، أو أنهم امتداد اجتماعي وثقافي لإيران مع ما يستتبع ذلك من آثار سياسة قد تصل إلى حد الكشف السافر عن أطماع توسعية على حساب دول المنطقة، أو إثارة البلابل والفتن التي تستهدف الوحدة الوطنية لدول المنطقة وصولا لتحويلها إلى كتل سكانية وتقسيمات جغرافية يسهل هضمها وضمها.

ردة الفعل الإيرانية على اسقاط الجنسية البحرينية عن عيسى قاسم ليست السابقة الأولى، ومن المؤكد أنها لن تكون الأخيرة، فهي جزء من مخطط منهجي يجري تنفيذه في عموم المنطقة.

ولعل ما يحدث في العراق وسوريا واليمن ولبنان هو مؤشر واضح على هذا النهج، إذ تحاول بعض الميليشيات الطائفية المدربة في إيران والمسلحة من قبلها، أو بعض الرموز الدينية التي تحمل أجندات سياسية وحزبية، اختطاف المكون الشيعي في هذه الدول، وتسخيره بالتهديد حينا، وبالإغراء حينا آخر، لخدمة مشروع الهيمنة الإيرانية في المنطقة.

وقد أظهرت المظاهرات التي قام بها العراقيون وخاصة من أبناء الطائفة الشيعية، ضد النفوذ الإيراني، الوجه الحقيقي لدموع التماسيح التي تذرفها طهران على ما كانت تصفه بالاضطهاد الذي كان يتعرض له الشيعة  في العراق، والذي استدعى، حسب المزاعم الإيرانية، "وقفة تضامنية من طهران" ما لبثت أن تحولت إلى ما يشبه الاحتلال الاستيطاني.

وتقول التقارير إن أعداد الإيرانين الذي تم تجنيسهم في العراق منذ الغزو الأمريكي للعراق، وصل إلى ما يقرب من مليوني نسمة، بذرائع مختلفة، وهو الأمر الذي أثار القبائل العربية السنية والشيعية على حد سواء وعبرت عن ذلك بالمظاهرات التي خرجت للتنديد بالنفوذ الإيراني المتزايد.

في سوريا، أيضا، أخذ التدخل الإيراني هناك طابعا مذهبيا، وذلك من خلال الترويج إلى أن هدف طهران حماية المراقد الشيعية في سوريا ممن كانت تصفهم بالتكفيريين، قبل أن يكشف التدخل عن وجهه الحقيقي، ويصبح عبئا متزايدا على حياة السوريين وخطرا على وحدتهم الوطنية.

وفي لبنان القصة معروفة بعد أن أصبح التدخل الإيراني جزءا من المشهد السياسي اللبناني بدءا من الرئاسة إلى تشكيل الحكومة وحتى أزمة النفايات.

وفي السعودية كشف إعدام الشيخ الشيعي نمر النمر ضمن عدد آخر صدرت بحقهم أحكام بالاعدام وكانوا كلهم من الطائفة السنية، الطابع التحريضي لردة الفعل الإيرانية في محاولة مكشوفة لاستدرار نوع من التعاطف الشيعي في المملكة، وخلق موطئ نفوذ لطهران بينهم.

وأخيرا وليس آخرا، في اليمن أدخل الدعم الإيراني الذي أخذ طابعا مذهبيا وطائفيا، البلاد في فوضى وخلافات مذهبية لا يعرف أحد إلى الآن مداها ومآلها.

 وإضافة إلى محاولة مد النفوذ، فإن إيران تحاول من خلال بعض القضايا الحقوقية، تجميل صورتها كمدافعة عن حقوق الإنسان، وهي من خلال ذلك تعمل على التغطية على الانتهاكات اليومية الخطيرة للحريات والحقوق الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والإثنية للشعوب الإيرانية.

ولعل ما يتعرض له العرب في الاحواز من قمع وتنكيل دليل واضح على أن إيران تكيل بمكيالين، فهي نصير للشيعة في الخارج وجلاد لهم في الداخل، وهو ما يؤكد أن إيران تنفذ مشروع هيمنة سياسيا في المنطقة وأن البعد المذهبي في المشروع هو رأس جبل الجليد، الذي يخفي تحته المطامع الايرانية التاريخية التي يبدو أنها تطل برأسها، الآن، على نحو غير مسبوق.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com