زايد وفيصل.. التصدي للسيناريو الأسود
زايد وفيصل.. التصدي للسيناريو الأسودزايد وفيصل.. التصدي للسيناريو الأسود

زايد وفيصل.. التصدي للسيناريو الأسود

تستوجب ذكرى حرب السادس من أكتوبر عام 1973 التوقف أمام رجلين من رجالات العرب وقادة العروبة يمثلون منعطفا تاريخيا في حياة بلديهما وبقية العالم العربي: أما الأول فهو المغفور له الشيخ زايد بن نهيان، والثاني هو الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز.. والتساؤل لماذا التوقف أمام هذين النموذجين؟



باختصار غير مخل، لأن كلا منهما قدم درسا عروبيا لو استغل لاحقا كنواة في إطار الوحدة والاتحاد لوجد يقينا شكل من أشكال الاتحاد العربي كما وجد الاتحاد الأوروبي.

وكانت صيحة الشيخ زايد ولا تزال تملا الآفاق بأن "النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي"، فعندما تدفق السلاح على الجسر الجوي إلى إسرائيل أوفد زايد وزير النفط الامارتي حاملا توجهات بلاده بقرار قطع النفط نهائيا عن الدول التي تساند إسرائيل، الأمر الذي أدى لأن تقطع الإذاعات العالمية إرسالها لتعلن هذا النبأ فقد كان القرار بداية لمعركة النفط وعندها تلقى زايد التهديدات وبان عليه أن يتحمل تبعات ذلك القرار لكن الرجل كان راسخا كالطود ومصرحا بالقول إن الذين قدموا دماءهم في معركة الشرف قد تقدموا الصفوف كلها وأن النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي ومضيفا: "إننا على استعداد للعودة إلى أكل التمر مرة أخرى فليس هناك فارق زمني كبير بين رفاهية النفط وبين ان نعود إلى أكل التمر.

أما عن الملك فيصل بن عبد العزيز فحدث ولا حرج عن دور قائد عربي شجاع يعتقد الكثيرون إنه دفع حياته ثمنا لموقفه من استخدام النفط كسلاح ولم يصر فقط على استخدام سلاح النفط ضمن الحدود القصوى أي القطع الشامل بل تطلع إلى الاستمرار في سياسة وقف تصدير النفط حتى تؤتي المقاطعة مفعولها الزمني ويجبر الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية على حل التسليم بالحقوق الدنيا للعرب.

وبحسب كثير من الوثائق التاريخية التي ظهرت لاحقا فان الملك فيصل كان يتمتع بنظرة ثاقبة ومقدرة هائلة على استشراف الأحداث ولهذا فانه كان يتوقع ان تقوم الحرب بين لحظة وأخرى ومن هذا المنطلق فقد أرسل وزير النفط في بلاده حاملا رسائل واضحة لواشنطن ولشركات النفط هناك في ابريل من عام 1973 أي قبل ستة اشهر من وقوع الحرب وكان مفاد الرسائل " لا تعتمدوا على تصرفات الصداقة في شؤون النفط إلا إذا حلت قضية الشرق الأوسط وأزيح الاحتلال عن الأراضي المحتلة.

والحاصل أن شان إيقاف النفط غداة حرب العام 1973 كذراع عربي - خليجي متضامن وداعم للدول العربية في صراعها مع إسرائيل لم يكن أمرا يسيرا بل كانت هناك مخاطر حقيقية تحدق بالقائمين عليه ... ماذا عن ذلك؟

واقع الأمر أن الحديث هنا يطول عن الوثائق البريطانية التي كشف عنها مؤخرا وفيها خطط غربية أمريكية – بريطانية بالدرجة الأولى لاستخدام القوة للاستيلاء على حقول النفط في الشرق الأوسط أثناء فترة الحظر.

والشاهد أن بريطانيا قد أعدت تلك الخطط بالشراكة مع أطراف غربية عدة وفيها استخدام للقوات الأمريكية المحمولة جوا للاستيلاء على منشات النفط في السعودية والكويت وأبوظبي وبجانب ذلك فقد كانت هناك خطط أخرى للإطاحة بالحكام العرب وتولي حكام "أكثر مرونة" أو إظهار القوة عن طريق دبلوماسية السفن الحربية " وقد حمل ذلك السيناريو الذي نشير إليه باقتضاب بالغ اسم "السيناريو الأسود".

ورغم أن الخطط الأمريكية والبريطانية لم تمض قدما حيث انتهى الأمر أي شان الحظر عقب شهور قليلة ثم وقعت مصر وإسرائيل اتفاق سلام، فان ما جرى قد عكس أولا إرادة عربية فولاذية لا تلين قد أعادت إلى الأذهان زمن الانتصارات العربية المبكرة قبل دخول الانقسامات المذهبية والعرقية بين أبناء العروبة وثانيا لفتت النظر بشكل غير مسبوق لخطورة هذه الأداة النافذة في يد العرب الأمر الذي استدعى لان يصرح ثعلب السياسة الأمريكية هنري كسينجر بالقول ان العرب يجلسون على النفط لكن يجب ألا يمتلكوه" وقد كان في صيحته طليعة ومقدمة للكثير من المؤامرات التي حيكت ولا تزال لهذا النفط.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com