علي إبراهيم فقيد الصحافة العربية
علي إبراهيم فقيد الصحافة العربيةعلي إبراهيم فقيد الصحافة العربية

علي إبراهيم فقيد الصحافة العربية

تاج الدين عبد الحق

فقدت الصحافة العربية علمًا مُهمًا من أعلامها هو المرحوم الأستاذ علي إبراهيم نائب رئيس تحرير الشرق الأوسط اللندية إثر أزمة قلبية مفاجئة.

وإذا كان بالإمكان اختصار مسيرته المهنية والشخصية الحافلة في عبارة أو كلمة قصيرة، فإننا سنخلص إلى أن المرحوم علي إبراهيم، هو من الصحفيين المحترمين الذين قلَّ أن تجد مثلهم في مهنة لحمتها وسداها الاختلاف والخلاف.

عرفت المرحوم علي إبراهيم مبكرًا عندما كنا نعمل سويًا في جريدة البيان الإماراتية، أنا من موقعي في أبوظبي، وهو في قسم الاقتصاد بالمركز الرئيس بدبي، لم يكن حينذاك، ترأس رسميًا رئاسة القسم، التي كان يتولاها في البداية الدكتور بطرس بطرس عودة، وهو أحد الكتاب الذين لجأوا من الأردن إلى مصر بعد عام 1956 .

ولم تكن له خبرة صحفية فعلية، وكانت تجربته في البيان، هي تجربته الصحفية الأولى فيما أظن، وكانت رئاسته للقسم ، أقرب للرئاسة الشرفية، باعتباره الأكبر سنًا بين العاملين في القسم.

هذه الإشارة إلى الدكتور، عودة ضرورية للإضاءة على الكيفية التي اكتسب فيها المرحوم علي إبراهيم ثقة زملائه في القسم، وكانت البداية لتحوله من رئيس قسم بحكم الواقع إلى رئيس قسم فعلي وبقرار إداري، فمن دون اتفاق وبحكم دماثة الخلق وطيب المعشر، بات علي إبراهيم مرجعًا للجميع ومحل ثقتهم ورئيسًا فعليًا للقسم، بعد أن أصبح مرجعهم المهني وصديقهم الشخصي.

تجربته في البيان لفتت الانتباه إليه، خاصة وأن القسم الاقتصادي، كانت له مكانة خاصة، نابعة من اهتمام رسمي ببناء صورة دبي كمركز تجاري ومالي إقليمي. وقد ساعدته هذه التجربة على قصرها، في الانتقال إلى لندن، حيث التحق بجريدة الشرق الأوسط ولكن في القسم السياسي هذه المرة، وهو مجال دراسته الجامعية في الجامعة العربية ببيروت التي اختارها بوعي بدل الدراسة في وطنه مصر ليكون أمام تجربة حياتية ومهنية مختلفة.

كان في أوائل الثلاثينيات من عمره عندما التحق بالشرق الأوسط، التي كانت تستقطب كبار الأسماء من الصحفيين والكتاب من كل الدول العربية، وبدا لي وأنا أتابع عمله من أبوظبي، أنه كمن كان يلعب مع الكبار الذين يفوقونه خبرةً وتجربةً، لكنني ما إن أصبحت فردًا من أفراد أسرة الشرق الأوسط، كمراسل لها في أبوظبي، حتى أدركت أن الرجل يملك صفات فطريةً تجعله قادرًا على التكيف والتطوّر السريع، وأكثر من ذلك أنه قادر على أن يظل موضع احترام ومحبة وثقة الجميع، التي سرعان ما تمت ترجمتها إلى قرار بأن يكون مساعدًا لرئيس التحرير، ثم نائبًا للرئيس، متخطيًا العديد من الأسماء التي كان لها قصب السبق في المهنة وفي الجريدة نفسها.

في مقاله الأول بعد الأزمة الصحية التي ألمت به قبل بضع سنوات، قدم وصفًا دقيقًا لمسيرته عندما اختصر هذه المسيرة بعنوان بالغ الصدق وعميق الدلالة، فجعل من صداقاته ومحبة الناس له تحويشة عمره، التي يباهي ويفخر بها، مؤكدًا بحياته الحافلة بالعطاء، أن محبة الناس، هي الرصيد الذي ينفع الناس ويمكث في الأرض، فيما غير ذلك زبد يذهب جفاءً، مهما علا وارتفع.

برحيله المفاجيء لم أفقد صديقًا عزيزًا فحسب، بل زميلًا كبيرًا، فقدت الصحافة بغيابه أحد النادرين في بلاطها، فقد كان المرحوم علي إبراهيم قيمة مهنية، ومثالاً أخلاقيًا ليس من السهل أن نعوضه، أو نجد من يملأ الفراغ الذي خلّفه.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com