لماذا نرسل أطفالنا إلى المدارس؟
لماذا نرسل أطفالنا إلى المدارس؟لماذا نرسل أطفالنا إلى المدارس؟

لماذا نرسل أطفالنا إلى المدارس؟

رفيعة الطالعي

سؤال أصبح يلح عليّ في الأسابيع الماضية، بعد عدة اتصالات وشكاوى من المدرسة بخصوص تصرفات ابني البالغ من العمر ثمانية أعوام. فهو ينسى كتبه ودفاتره، وأحيانا لا يحضر أقلامه أو برايته أو ممحاته. وأحيانا يتأخر في الانضمام إلى زملائه عند الانتقال من صف إلى آخر. وأحيانا أتلقى اتصالات؛ لأنه تخاصم أو تعارك مع أحد التلاميذ.

في البداية كنت أستمع وأتفهم وأعد بإجراءات حازمة في البيت. ولكنني لاحظت بعد فترة أن أسهل شيء تفعله المعلمات هو الاتصال بي لحل مشكلات تحدث في المدرسة. ورغم تفهمي أن شقاوة بعض التلاميذ وتصرفاتهم غير المرغوب بها قد تشتت انتباه بقية التلاميذ وتضايق المعلمات أو المعلمين، غير أنني بدأت في التساؤل بشأن الدور الذي تقوم به المدرسة في تربية وتعليم الأطفال، ولماذا تبدو مشكلة صغيرة هي مشكلة المشكلات، ولماذا لا تستطيع المدرسة حلها دون الرجوع إلى الأهل؟ ولماذا تبدو المعلمات أو العاملون في المدرسة كمن لا خبرة له في التعامل مع تصرفات متوقعة وتحدث في المدارس منذ الأزل؟ كيف يمكن للأهل أن يحلوا مشكلة تأخر تلميذ عن الانضمام إلى زملائه ألا تلاحظ المعلمة أو المعلم أن هذا التلميذ متأخر، فيطلب منه بشكل حازم ألا يفعل ذلك. لماذا لا يحترم أي تلميذ التعليمات في المدرسة؟ ألمجرد رغبته في التحدي والاختلاف؟ أم أن المدرسة ليست صارمة بما يكفي في تطبيق بعض التعليمات والقوانين الداخلية؟

أؤمن أن للبيت دورا في المسألة التعليمية والتربوية يكمل دور المدرسة، ولكني لا أؤمن أن تنسى المدرسة دورها وتضع العبء الأكبر على الأهل حتى فيما يتعلق بالتعلم، فبعض المدارس ترسل مع الطالب كميات كبيرة من الواجبات، في بعض الأحيان تكون الواجبات في كل المواد الدراسية. هذا لتلاميذ في المرحلة الابتدائية، والغريب أن هذه الواجبات يومية! والأغرب أن هذه المدارس هي مدارس خاصة، حيث يتوقع الأهل أن تقوم بدور أكبر من المدارس العامة، ولاسيما أن الأهل يدفعون مقابل أن يجدوا نوعية تعليم جيدة، ولا يعني التعليم الجيد كثرة الواجبات المدرسية.

لا أجد تفسيرا لهذا، غير أن المدرسة تتخيل أن هذا التلميذ لاحياة له غير الذهاب إلى المدرسة والعودة إلى البيت لأداء الواجبات المدرسية. وأن الوقت بعد المدرسة طويل حتى صباح اليوم التالي. فكيف لطفل لايزال في المرحلة الابتدائية أن يقضي وقته بعد المدرسة فيحل الواجبات، وكيف تتخيل إدارة أي مدرسة أن هذا الطفل هو الطفل الوحيد للأسرة؟ قد يكون للأسرة طفلان أو ثلاثة، مع كل هذه الواجبات من أين يأتي الأهل بالوقت للمتابعة والمساعدة في أداء الواجبات؟

أرى أن المدارس بشكل عام في بلداننا العربية مهما اختلفت مناهجها، سواء كانت محلية أو دولية هي تتبع نفس المبدأ القديم في التعليم وهو مبدأ التلقين، أكثر من مبدأ تعليم المهارات للتلاميذ. وتقيس نجاح الطالب الدراسي بحجم المعلومات التي يحفظها فقط، وليس بإضافة جزء يتعلق بالمهارات والإبداع. هذا الطفل يحتاج أن يعود إلى المدرسة في اليوم التالي وهو متحمس وراغب في التعلم، ويذهب وهو يتوقع أن هناك شيئا جديدا سيكتسبه اليوم؛ لا أن يذهب بحقيبة ثقيلة مزدحمة بالكتب والدفاتر، وتزيد ثقلا عند العودة بحجم الواجبات التي تقضي على ما تبقى من يومه ويوم أهله!

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com