برومير البونا برت في تركيا ومصر
برومير البونا برت في تركيا ومصربرومير البونا برت في تركيا ومصر

برومير البونا برت في تركيا ومصر

موفق محادين

برومير، اسم شهر فرنسي استخدمه ماركس لتفسير صعود البونابرتية مجددا في باريس، وها نحن نستعيره لتفسير صعودها مجدداً، ولكن ليس في فرنسا هذه المرة بل في تركيا ومصر:-

1. في أواخر القرن الثامن عشر شهدت فرنسا ثورة شعبية أطاحت بـ لويس السادس عشر الفاسد وأقامت على انقاض دولته جمهورية دموية تدحرجت رؤوس قادتها تحت المقاصل الواحد تلو الآخر.. مما مكن ضابطا مغامراً من توظيف الاحباط العام للاستيلاء على السلطة، هو نابليون بونابرت...



وعوضا عن تقديم نموذج مختلف أعلن نفسه امبراطورا على فرنسا مستفيدا من اغواء الفرنسيين بمشروع امبراطوري يحول أوروبا إلى مجال حيوي لفرنسا، ومن الاعتماد على الفلاحين والشرائح العليا من الطبقة الوسطى وما بات يعرف بالدولة العميقة وحجمها وتقاليدها البيروقراطية.

2. بالتمعن في الحالة المصرية، فإن الفريق السيسي بالاستناد إلى الدولة العميقة ومؤسسة الجيش في طريقه لاعلان بونابرتية ما في مصر، تماما كما أعلنها بونابرت الفرنسي بعد ثورة شعبية هزت ميادين باريس، ومثلها ميادين القاهرة.

3. ولا يبدو أن أردوغان حالة مختلفة، بل أن شروط البونابرت الفرنسي تنطبق عليه أكثر من السيسي ، فقد جاء أيضاً بعد سلسة أزمات ضربت تركيا وأشعلت احتجاجات شعبية واسعة ، وها هو يوسع صلاحياته وتدخله حتى في السلطة القضائية..


والمهم في كل ذلك أن الفريق الطبقي الذي حمل أردوغان يشبه كثيرا فريق بونابرت وقاعدته، من سكان الأرياف والفلاحين والطبقة الوسطى المتذمرة التي يختلط عندها البعد الاجتماعي بالحنين إلى الذاكرة الطورانية الامبراطورية....

وإذا كان بونابرت قد وظف أفكار الثورة الفرنسية في الحرية والمساواة والاخاء التي ينسبها البعض للماسونية، لبناء امبراطورية في أرجاء القارة والتدخل العسكري بذريعتها، فها هو أردوغان، يتحدث اللغة نفسها مضافا لها نكهة اسلامية (سنية) من ضرورات التمدد في الشرقين العربي والاسيوي.

وقد لا يقتصر التدخل العسكري التركي على سوريا بل ربما يمتد في المرحلة القادمة على ايقاع استحقاقات الناتو حول أوراسيا ....

وفي كل ذلك وكما هي رائحة النفط والغاز والخرائط اليوم، فاحت روائح أخرى في أيام بونابرت الفرنسي، ومنها رائحة القطن والحرير ولعبة الخرائط أيضا.

4. بقي أن نعرف أن أوروبا التي انقسمت حول مشروع نابليون، عادت لتتوحد ضده وتهزمه ، بعد أن خسر خيره ضباطه ورجاله أمام جنرالات روسيا وخاصة الجنرال الأبيض، الثلج.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com