فنانة وضابط وكمين 
فنانة وضابط وكمين فنانة وضابط وكمين 

فنانة وضابط وكمين 

رغم أنني لم أكن أرغب في التطرق للموضوع باعتبار أنه مضيعة للوقت، ونوع من النميمة الأشبه بـ (رغي الخدامين). لكن استوقفني ما كتبه أستاذ علم النفس د. إبراهيم محمود على صفحته بأن الواقعة تعبير عن أزمة اجتماعية معقدة بين السلطة والشعب المصري الآن، ترى عما يتحدث الأستاذ الأكاديمي؟

لا تندهش عزيزي القارئ انه يتحدث عن أزمة فنانة شابة مغمورة اتهمت ضابط شرطة مصريا أنه سبها، وهتك عرضها في كمين بالشارع وقت الفجر، وهو اتهمها أنها كانت سكرانة، وكسرت الكمين، وخرج تقرير طبي يثبت ذلك، والنيابة تحقق الآن مع جميع الأطراف بِمَن فيهم شهود العيان.

كان يمكن للقصة أن تذوب في حلوق أهل النميمة وهواة (اللت والعجن) لولا أن الشبكة العنكبوتية_ "لعنها الله"_ صنعت منها حلقات متسلسلة، واستحلبت تفاصيل مثيرةً من نوع هتك عرض الفنانة الشابة، وتهتك عضو تناسلي بعد تحرش الشرطة و(دلق جردل بول) عليها في الحبس -هكذا قال نقيب الممثلين للصحف والفضائيات - ثم خروج والد الفنانة في أحد البرامج المسائية ليؤكد ذلك ضاربا عرض الحائط بقيم الحفاظ على العرض وستر العورات وغيرها من مفاهيم كنت أظنها لا تزال قائمة في المجتمعات الشرقية، ولكن مرة أخرى الله يلعن السوشيال ميديا وما فعلته بالعادات والتقاليد وما شابه ذلك. 

نعود للأستاذ الجامعي، الذي وصف الواقعة بأنها تعبير عن سطوة السلطة ممثلة في ضابط الشرطة، الذي مارس -حسب رأي الاستاذ الجامعي- ساديته فجرا ضد الفنانة الشابة، وهنا أسأله لماذا يا سيدي تصدر حكما لم ينطق به القاضي؟ وهل توافرت لديك كل وسائل التحقيق لتصدر حكماً بالإدانة على طرف دون الآخر. 

أنا شخصياً وحتى هذه اللحظة ورغم معرفتي بالوسط الفني وأيضاً الشرطي لا أستطيع إدانة طرف دون الآخر، وماسمعته من المحيطين بالطرفين يجعلني ملتبسا ومشوشا وغير قادر على تبني موقف سواء بالتعاطف أو الإدانة ولذلك طالبت وزارة الداخلية أن تضع كاميرات على سترة الضابط الواقف في الكمين أو سيارات الكمائن المتحركة لتسجل كل حركة وكل هفوة تحدث، وتثبت البينة على من ادعى، أما ما يتعلق باتهام الدكتور أن الشرطة عادت لتمارس ساديتها وعنجهيتها، فهذا تعميم مخل وظالم لفئة تقدم كل يوم الشهداء للوطن، والمصابين في حوادث إرهابية، وأما كون الممثلة بريئة تماما فهذا أيضا استباق للنتائج وضد ما ذكره شهود العيان، وفي الحالتين الموضوع أخذ أكثر مما يستحق وشغلنا بسفاسف الأمور.

وبالمناسبة نحن لسنا وحدنا في العالم الذين ينساقون وراء مثل هذه القصص، التي تبرع في سرد تفاصيلها صحف المساء، أميركا نفسها تهتم بهذا النوع من الأخبار والقصص الخبرية، التي تفرد لها صحف الإثارة صفحات، وتضع إشارات لها في الصفحة الأولى. منذ عدة أشهر كنت في نيويورك ووقفت عند بائع صحف في ميدان (تايم سكوير)، ووجدت الزبائن تتخاطف العدد الأسبوعي من إحدى الصحف، فسألت البائع هل هذه الصحيفة نشرت شيئًا عن أوباما أو المرشحين للانتخابات الاميركية؟، فضحك وقال لي، إنها تنشر عنكم يا عرب، وأعطاني نسخة، وهو يقول لي، انظر الإشارة قصة ملياردير سعودي مع ممثلة أميركية، اشترى منزلها بثلاثين مليون دولار. خطفت الصحيفة لأجل أنها تحكي عن ملياردير سعودي لم تذكر اسمه، يشتري كل ما يتعلق بفنانة هوليودية شهيرة سواء منازل أو سيارات أو هدايا بأرقام خيالية، وهذه الفنانة هي مارلين ميتريش، وقد نسج كاتب القصة تفاصيل من نسج خياله، جعلت القرّاء يتهافتون على شراء الصحيفة، حتى في أميركا يعشقون قصص النميمة ورغي الخدامين (واللت والعجن).

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com