تقنين الإرهاب في ليبيا
تقنين الإرهاب في ليبياتقنين الإرهاب في ليبيا

تقنين الإرهاب في ليبيا

أحمد مصطفى

لم تكن الغارة الأمريكية على معسكر قرب صبراتة غرب ليبيا، والتي قتل فيها قيادي إرهابي تونسي، حربا أمريكية على الإرهاب بل على الأرجح واحدة من العمليات "الانتقامية" ضد أهداف محددة بالضبط كما تفعل الطائرات الأمريكية بدون طيار في اليمن أو غيرها.

فالجماعات الإرهابية التي تتركز في غرب ليبيا، وروافدها من جماعات إرهابية في طرابلس العاصمة، ليست ضمن خطط الاستهداف الأمريكية. بل إن الأمريكيين لطالما حالوا دون القضاء عليها ـ ولو بالتفريغ السلبي.

ونذكر هنا موقف الأمريكيين من الضربة المصرية لجماعات إرهابية في ليبيا من قبل والتي حالت دون تكرارها وسط إصرار أمريكي/بريطاني على فرض الإرهابيين على السلطة في ليبيا رغم رفض الجماهير لهم ضمن ما تسمى عملية سياسية للأمم المتحدة.

الأرجح أن الغارة الأمريكية جاءت في سياق قائمة لدى الأجهزة الاستخباراتية بعدد ممن يجب تصفيتهم "انتقاما" لدورهم في ضرب او تهديد مصالح أمريكية. وهذا للأسف يقزم الدور الأمريكي ويجعل أكبر قوة في العالم على نفس مستوى جماعات إرهابية حين تكون استراتيجية واشنطن عمليات انتقامية وليست حربا شاملة للقضاء على الإرهاب.

بل ربما يذهب المرء إلى حد تصور أن تلك العمليات تستهدف عصفورين بحجر: انتقام ينتقص من هيبة واشنطن، وتغطية دعائية على جهودها في تقنين الإرهاب في ليبيا.

إذ ما زالت بريطانيا، وكأنها تقوم بالدور عن أمريكا، تضغط لفرض حكومة جديدة في ليبيا يهيمن عليها الإرهابيون ومن يدعمونهم. وتجاهلت واشنطن القلق المصري من بعض الجماعات الإرهابية التي يصر الغرب على فرضها في التسوية التي تصر الأمم المتحدة على تمريرها.

يبدو كل الحديث عن "محاربة الإرهاب في ليبيا" مجرد لغو، أتفه حقا مما ووصف بمحاربة داعش في العراق وسوريا. حتى بعض الضربات الشاردة لن تتعدى كونها دخان يغطي على الجهد الفعلي لتقنين الإرهاب في ليبيا وشرعنته.

ربما تجد تونس فيما يجري في ليبيا فرصة لتفاهم مع أي سلطة جديدة في الجوار، وقد يكون ذلك ضمن توجه جزائري قلق من أي تدخل عسكري في ليبيا للقضاء على الإرهاب.

إنما المتضرر الأول والأخير من تقنين الإرهاب في ليبيا (وربما دعمه وتقويته في شرقها عبر حرب أهلية مصغرة بين قوات من الجيش وجماعات كأنصار الإسلام وغيرها) هي مصر. ولا أظن أنه يتعين عليها انتظار "تحالف" أو حتى "غطاء" اقليمي أو دولي كي تقوم بعمل يزيل التهديد عن حدودها الغربية، حتى لو كان في ذلك القتال على جبهتين: سيناء شرقا وحدود ليبيا غربا.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com