الطلاق حق للرجل وظلم للمرأة
الطلاق حق للرجل وظلم للمرأةالطلاق حق للرجل وظلم للمرأة

الطلاق حق للرجل وظلم للمرأة

رفيعة الطالعي

قالت: اكتشفت أنه على علاقة بأخرى، وهذه العلاقة مستمرة منذ ثلاث سنوات، وعندما واجهته بما علمت قال: هذه علاقة جادة، وأفكر في الزواج منها. كانت هذه المرة الثانية التي اكتشف فيها أنه على علاقة بامرأة أخرى، وكانت علاقته السابقة مستمرة إلى أن اكتشفتها، وعندها وعدني أنه لن يكررها، وندم فيما بدا لي ندماً شديداً. الآن شعرت بأنني لا أستطيع أن أصدق أي كلمة مما يقول: سبعة عشر عاماً منذ تزوجنا، ولنا من الأبناء أربعة، حياة كاملة بيننا، تضحيات، وأحلام وآلام وآمال.

ماذا يعني قوله إنه يريد الزواج، هل ليبرر فعله؟ هل ليخرج من دائرة الخيانة إلى دائرة الشرعية؟ هل ليجبرني على البقاء والاستمرار معه، لأن ما يريد هو حق، كما يقول؟ أردت الطلاق فرفض، ذهبت لمحام وقال لي: طالما أنه لم يقصر في حقوقك والإنفاق على أبنائه فليس هناك سبب كاف لرفع قضية طلاق.

وامرأة أخرى أخبرتني: أنها طلبت الطلاق من زوجها بعد سنوات طويلة من الصبر على بخله ورفضه الإنفاق على أبنائه، وبعد أن وصلت العلاقة بينهما إلى مفترق طرق انفصلا، رغم هذا رفض الطلاق وبقي في البيت دون أن يفكر في الإنفاق على أبنائه رغم حساسية الوضع. وعندما لجأت إلى محام قال لها: لا توجد أسباب كافية للطلاق. وأيضا إذا ما أصرت على الطلاق فقد تتعرض في النهاية إلى فقدان حق رعاية أبنائها. وهي واثقة تماماً بأن زوجها سيفعل ذلك انتقاما منها.

الواقع أن هاتين الحكايتين ما هما إلا مثالين على حكايات كثيرة، ومواقف أكثر غرابة من رجال قانون وأزواج تجاه زوجاتهم. في الحالتين اللتين سردتهما أعلاه المرأة لاحق لها في طلب الطلاق، والحقيقة لا أعرف ما الذي يتطلبه الأمر لتحصل المرأة على الطلاق، ففي حالات الخيانة لا يوجد سبب كاف، ماذا لو اكتشف الزوج أن زوجته هي من تقوم بفعل الخيانة هل هو مضطر لطلب الطلاق من أحد؟ والواقع حتى لو قتلها فإن المجتمع سيبرر فعله، لأن هذا الفعل لا يمكن غفرانه أبداً إذا قامت به المرأة. ولكن تبدو المرأة إذا ما تعرضت لخيانات متتالية من زوجها ضعيفة وبدون دعم من المجتمع والقانون، فالكل يطلب من المرأة الصبر والتحمل، الأهل والمجتمع والمحامون والقضاة.

كيف يطلبون منها الاستمرار وأن تعيش حياة طبيعية مع شخص لم تعد تكن له أي مشاعر، بل يسبب لها الألم، أليس من حقها أن تطلب الطلاق والحصول عليه لمجرد أنها لا تحب العيش معه؟ وهناك شواهد من السيرة التي تسمح بتطليق المرأة وطلب الخلع إذا كانت المرأة لا ترغب في الاستمرار مع زوجها .

تؤمن مجتمعاتنا وثقافتنا بأنه لا يعيب الرجل غير جيبه، لكن حتى عدم الإنفاق لم يكن سبباً كافياً لتحصل المرأة على الطلاق. ولا أعرف أين الخلل هل هو في القوانين أم في تطبيق القوانين، أم هو في تفسير القوانين، أم اختلاط روح القانون بثقافة المجتمع ورؤية الأشخاص للحياة وللعلاقة بين الرجل والمرأة؟

فكيف لمحام أن يقول إن خيانات متتالية لا تشكل سبباً كافياً للحصول على الطلاق؟ وكيف لمحام أن يقول إن عدم الإنفاق لسنوات طويلة ليس سبباً كافياً للحصول على الطلاق؟ هل يرى هؤلاء وغيرهم أنه من العدالة أن يترك الزوج المرأة معلقة، ويتزوج من غيرها بل ويهدد في حال طلقها، بسحب الأطفال من رعايتها إن تزوجت. هل من العدالة أن تعيش النساء حالات كهذه ويطلب منهن أن يعيشن حياة طبيعية، يربين الأبناء ويخدمن في مجالات مختلفة؟ كيف يمكن لمجتمع أن يتجاهل المعاناة والظلم اللذين تتعرض لهما النساء؟

معظم قوانين الأسرة أو قوانين الأحوال الشخصية في بلداننا تسمح بالتطليق وتسمح بالخلع، ولكن هذا لا يحدث إلا في حالات نادرة، ويعتمد على ما يعتقد المحامي أولاً، وما يراه القاضي ثانياً، ولا يعتمد إطلاقاً على وضع المرأة وما تعيشه، وما تراه وما تعتقد ما سيؤول إليه الوضع، وما يسببه لها من تعقيد لحياتها وحياة أبنائها. أغلب الناس يعتقدون في ثقافتنا أن طلب المرأة للطلاق نابع عن عاطفة، عرضية وليست لسبب قوي وجوهري، يتعلق بصلب العلاقة. ويعتقدون أن طلاق الرجل نابع من تفكير عميق له أسباب منطقية ومعقولة. للأسف الواقع يقول عكس ذلك. النساء لا يطلبن الطلاق إلا لأسباب قاهرة، فالمرأة أحرص على الأسرة وعلى أن يعيش أبناؤها في رعاية والديهم، وليس واحدا منهما. والرجل عندما يطلق بإرادته المنفردة دون الحاجة للرجوع إلى قاض أو محام لا يكون دائما على حق، ولكنه يقدم على هذه الخطوة لأنه بإمكانه أن يتحرر من عبء علاقة زوجية يرى أنها غير ناجحة. ويمكنه إن أراد أن يتخذ زوجة ثانية وثالثة ورابعة، ويترك الأولى دون تسريح بإحسان ودون معاملة حسنة. وهو بهذا يخرق كل قوانين الطبيعة والشرع، ورغم ذلك فهو لديه القوة لفعل ذلك، وسيكون المجتمع داعماً في معظم الأحوال لقرار الرجل، لسبب واحد: لأنه من حقه.

( إن أبغض الحلال عند الله الطلاق) عبارة لا تخرج من أفواه الناس إلا عندما تطلبها المرأة. وأول شخص يقول ذلك هو الزوج نفسه. ولا يتذكر أن الله يبغض كثيراً من الأفعال التي قد تؤدي إلى طلب الطلاق. إحدى المرأتين اللتين شرحت وضعهما هنا قالت: عندما طلبت منه الطلاق بعد اكتشافي علاقته بالمرأة الثانية قال لي: أنت تريدين تدمير أسرتنا وتفكيكها. أصبت بالذهول فكل ما فعله ويفعله لا يدمر الأسرة ولا يفككها، هو يتوقع مني أن أتجاهل كل شيء وأصبر وأتألم لأنه يرى أن استمرار الأسرة هو مسؤوليتي وحدي، ولا علاقة له بذلك، هو لا يتخيل أن مسؤوليتي مرتبطة بمدى التزامه هو بهذه الأسرة، باحترامه لي، واحترام زواجنا.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com