إذا صلحت الإدارة صلح الحكم... حكومة الإمارات نموذجا
إذا صلحت الإدارة صلح الحكم... حكومة الإمارات نموذجاإذا صلحت الإدارة صلح الحكم... حكومة الإمارات نموذجا

إذا صلحت الإدارة صلح الحكم... حكومة الإمارات نموذجا

أحمد حنون

صنف المعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا ، دولة الإمارات العربية المتحدة بالمرتبة الاولى في الكفاءة الحكومية، وفقا للكتاب السنوي لقياس التنافسية العالمية للعام 2014 لاهم 60 دولة في مجال الكفاءة الحكومية ، وغياب البيروقراطية وجودة القرارات الحكومية، وحسن إدارة الأموال العامة.

في حين حققت الامارات المركز الثاني عالميا في "مجال القيم والسلوكيات وفي سهولة ممارسة الأعمال"، والثالث عالميا في كل من "مؤشر التجارة الدولية والأداء الاقتصادي والسياسة المالية الحكومية"، متفوقة بذلك

على دول مثل الدنمارك والنرويج التي حافظت على مراكز متقدمة طيلة العقود الماضية في ترتيبها العالمي.

أكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، " ان بلاده تعد شعبها بمزيد من الإنجاز، عبر وضوح الرؤية ووحدة الهدف، مشيراً إلى ان العالم دائما يفسح الطريق لمن يعرف ماذا يريد "، ويأتي هذا الانجاز تأكيداً جديداً على ترجمة الاستراتيجيات والنهج وتوجهات الدولة إلى برامج ومشاريع وأفكار مبتكرة ورائدة ما أوجد لها المكانة المهمة بين الدول، لتؤكد ان مثل هذا الإنجاز لا يأتي في العادة من فراغ وإنما هو العمل الجاد المواظب والدؤوب لحكومة الإمارات .

غالبية التجارب العالمية المشهود لها ارتكزت على القطاع العام الحكومي الذي يعتبر المرتكز الاساس في استراتيجة النهوض الشاملة ، وان تطوير الاداء الحكومي والادارة ورفع الانتاجية العامة كقطاع منتج مصدر للكفاءات وخادم للمواطن والمجتمع يتطلب جهدا كبيرا وتحديد جهه حكومية تكون مسؤوليتها التطوير المستمر للاداء الحكومي ورفع الانتاجية ، وتنفيذ الرؤية والتوجهات والنهج حتى تقوم الحكومه بدورها على اكمل وجه ، من خلال الاستخدام الافضل للموارد المتاحه لتحقيق الاهداف في الوقت المطلوب ، وهذا ينسجم تماما مع نتائج ما نشرته دورية صدرت عن جامعة هارفرد شملت دراسات مهمة منادية بضرورة عودة الاهتمام للقطاع العام بوصفه صاحب اكبر انجاز ومن اهم هذه الانجازات في التاريخ ومنها الشبكة العنكبوتية ، وتطوير بحوث العمليات ... ، الامر الذي سيمثل تحولا مستقبليا مهما، في الادارة .

ابتهجت وسائل الاعلام الاماراتية وأكدت على أن هذا الانجاز يأتي في ضوء منهج وثقافة الدولة الإماراتية على انها تتصدر السباقات الدولية المفتوحة في الأداء والكفاءة والبنى التحتية والمناخ الاقتصادي..منوهة بأن هذا التفوق لا يستهدف حصد الجوائز والشهادات والتقارير العالمية بقدر ما يجسد إرادة قيادة تسخر خبرات الوطن لصالح بناته وأبنائه كما يعكس في الوقت نفسه تجاوب الشعب مع قيادته في إنجاز الطموحات الكبرى ، واني اشارك الادارة الحكومية في الامارات التقدير لهذا الانجاز الذي يستحق ان يعلن ويبنى عليه ، وان تكون الامارات مساند وداعم للادارات الحكومية العربية والادارة والتميز ، والامر غير منفصل عن تصنيف الامارات تعليميا رغم انها تراجعت عربيا لتصبح ثانيا بعد قطر عربيا وعالميا في المراتب العشر الاولى للتعليم الاساسي .

والاهم ان الحكومة الاماراتية نجحت في إدارة التغيير يعتبر مهما جدا للقيام بتعديل القوانين أو إعادة الهيكلة بشكل رئيس وفقا للاستراتيجة حيث ان اعادة الهيكلية مرتبطة وتتبع الرؤية والاستراتيجة ، فشل عمليات التغيير يعود الى التمسك بالنهج القديم ومحاربة الإدارة القديمة ومقاومتها لعملية التغيير ، وحتى تنجح عمليات التغيير يجب التأكد من ان الإدارة الحكومية قد حققت اهدافها الأساسية وأن جميع الأطراف المرتبطة بعملية التغيير قد واكبتها بالشكل المطلوب وفقا للخطط .

وهذا يعني ان الادارة الحكومية في الامارات قد تجاوزت اصعب الاسئلة فيما يتعلق بالانتاجية ، حيث بينت دراسة للبنك الدولي ان 50% السكان في الشرق الاوسط خارج سوق العمل ، وهذا يعني ان 50% يعيلون 50% من السكان ، واذا ما تم قياس الانتاجية فاننا امام انتاجية 20% من القوة العاملة ، وهذا اخطر ما في الامر ان 10% المنتجين من بين تعداد السكان في المنطقة ، الامر الذي يجعل موضوع الانتاجية موضوع سؤال مهم يطرح معه الفاعلية والكفاءة كأسئلة مهمة وصعبة تتطلب اجابات واضحة متعلقة بالمستقبل .

تحقيق أي استراتيجية او توجه او إنجاز برنامج لأي حكومة او الوصول لرضى المواطنين والتقدم والرفاه والبناء، يتطلب وجود إدارة كفؤة فعالية شفافة تستثمر الرأس المال الإنساني وتكون خاضعة للمساءلة ، حتى تستطيع تحويل الرؤية والأهداف إلى نتائج ملموسة ، ذلك لانه " لا توجد دولة متقدمة ودولة متخلفة وإنما هناك دول توجد إدارة ناجحة هي المتقدمة وإدارة متخلفة غير ناجحة ، فالرئاسة الامريكية والرئيس اوباما هو رئيس الادارة الامريكية ، وهو ارفع منصب يقترن بالادارة ، وكذلك السياسة للعالم .

الادارة اولا لان الاصلاح يبدأ بالادارة ، والادارة علم البدائل والاستخدام الامثل للموارد المتاحة وليس شرطا ان تتساوى دول العالم بالموارد حتى تتميز، ولا بد ان ينتقل التميز من الاطار الفردي لينتقل للمؤسسة المتميزة والنظام المتميز والنهج المتميز ، لانه اذا صلحت الادارة صلح الحكم ، واذا صلحت الرعية صلح الراعي ، ورشد الحكم ، وساد العدل والمساواة والعدالة بين الناس ، فالادارة الفاشلة تجلب الفشل والاخفاق والتردد في وقت نحن احوج فيه الى النجاح والتميز والعمل والانجاز والانتاجية ، وهنا يمكن الحديث عن محاولات ديوان الموظفين العام الاهتمام بالادارة الفلسطينية كمهمة اضافية لمهام الديوان حيث عقد مؤتمرين للادارة ، ويمثل ديوان الموظفين العام الادارة في فلسطين في اجتماعات المنظمة العربية للتنمية الادارية وهذا ليس بجديد ، لان الاهم هو وضع الادارة على سلم الاولويات كأولوية هامة .

ولإن معركة بناء الوطن وبناء مقومات ومؤسسات الدولة والتي تعتبر محل تحدي حقيقي وامتحان للإرادة والإدارة الفلسطينية ، التي نجحت على مدار عقود في اطار النجاحات الفردية على مستوى العالم ، وإن معركة بناء الوطن كمعركة جماعية للتحرير والانعتاق من المحتل بحاجة إلى كل الطاقات والقدرات والكفاءات بحاجة لكل المخلصين بحاجة لتغليب العام على الخاص، بحاجة لقوانين ولالتزام الكل بالقانون وانه من غير المقبول ان يقدم اي مسؤول نفسه انه ارفع من القانون او ان يتعالى على مراسيم رئاسية او تعطيل العمل بها ، في الوقت الذي يعلن الرئيس التزامه بالقانون وان لا أحد فوق القالنون ، وبحاجة لأن نتحلى بالشجاعة بتقديم التمييز الايجابي لمن يستحق ، و بحاجة لإشراك الشباب دونما تمييز والذين يمثلون روح وهمة الأمة بفاعلية ، حتى لا يقع الشباب والمتميزين والمتفوقين في حالة من الإحباط والاستسلام للبحث عن المستقبل المهني الشخصي الذي يحقق المردود المالي فقط ، وتكون الهجرة بانتظاره او يصبح حلمه هو الانتقال من القطاع العام للخاص ، بدل أن يكونوا جزءا من مشروع بناء الوطن ، وتميزهم جزء من تميز الوطن و مؤسساته ، الأمر الذي يجعل تحديد الهدف والوصول إليه أكثر سهولة ، وفي مقدمة النجاح طريقنا نحو التميز والابداع والتعامل بأسلوب علمي وإبداعي ، في اطار عمل الفريق الواحد والمؤسسة الواحدة ، وبذلك فان النجاح لا يأتي صدفة دونما تخطيط او جهد او تعب ، ما بين كنز الشتات الفلسطيني و التميز والإبداع خطوة النجاح .

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com