نتنياهو عدو نفسه
نتنياهو عدو نفسهنتنياهو عدو نفسه

نتنياهو عدو نفسه

ثمة كارثة انسانية حلت في قطاع غزة، فالمعركة غير المتكافئة وان ألحقت بالاحتلال خسائر بشرية كبيرة إلا أن غزة دفعت ثمنا باهظا، وكأنها تنفذ عملية استشهادية جماعية لفك حصارها واسرها.

الأرقام مرعبة والمشاهد أكثر رعبا وما لحق بغزة من دمار وموت يفوق الخيال العلمي البشع، فعندما نتحدث عن 1700 شهيد فاننا كمن يتحدث عن ثلاثة ملايين اميركي ونيف بالمقارنة مع عدد السكان.. وعندما نتحدث عن تسعة آلاف جريح فاننا كمن يتحدث عن 18 مليون جريح اميركي.. وعندما نتحدث عن عشرة آلاف منزل مدمرة فاننا كمن يتحدث عن مدينة أكبر من نيويورك دمرت.

ولهذا ستكون مفاوضات التهدئة صعبة لأن غزة يجب أن تطالب بثمن يوازي عذاباتها وتضحياتها، فليس أقل من فك الحصار الفعلي وتطبيع الحياة في غزة لاعمارها. وإعادة وصل ما قطعه الاحتلال على معبر بيت حانون حيث فصل الضفة عن غزة ومنع حركة التنقل بين الضفة وغزة، فالمعركة وان بدأت كمعركة بين حماس والجهاد والاحتلال إلا انها تدحرجت ليصبح شعب قطاع غزة قارة اسمها فلسطين وغابة للمقاومة.

لا يمكن ان تهدأ الأمور هكذا بتهدئة كالسابقة، ولعل التجاذبات الاقليمية التي ظهرت منذ البدء وظهور قطر وتركيا على المشهد وكأن المعركة انتقامية من مصر وليست من الاحتلال أدى الى إطالة أمد العدوان، وتبين أيضا أن من بيده القرار في حماس هو الذراع العسكري وبالتحديد كتائب القسام التي تمثل التيار المتشدد في حماس وليست خاتما في اصابع السياسيين في الخارج او الداخل.

ولعل كتائب القسام هي الجناح الوحيد الذي حافظ على علاقاته مع ايران والأخيرة لم تقطع التمويل عنه وان حجبته عن حماس، ولهذا كان القرار بعيدا عن خالد مشعل او موسى ابو مرزوق او اسماعيل هنية، بل كان في يد محمد ضيف وقيادة القسام.

على ايقاع المجازر في غزة جرت عمليات تصفية حسابات بين تركيا وقطر ومصر.. وكادت اوروبا ان تنساق مع أفكار اسرائيلية اميركية لنزع سلاح غزة بواسطة قوات الناتو وسلخ غزة نهائيا عن الضفة وتحويل البحر المتوسط كمنفذ لغزة بدلا من معبر رفح.. وتقزيم دور السلطة التي اجتهدت منذ بدء العدوان لوقفه، وحاولت اقناع قطر وتركيا وقيادة حماس بذلك، وفي النهاية لم يستطع أحد تجاوز مصر أو السلطة لأن قطاع غزة ليس له حدود مع تركيا او قطر ولأنه جزء اصيل من فلسطين وعصي على الانقسام والانفصال.

العدوان على غزة أدخل القضية مسارا جديدا، او كما قيل لحماس لن تستطيعوا هزيمة اسرائيل بالضربة القاضية بل بتسجيل نقاط على مراحل. فالثمن السياسي المفروض جبايته من الاحتلال يجب أن يمتد إلى الضفة أيضا وعدم ترك الاحتلال ومستوطنيه يصولون، فثمة استحقاقات مستقبلية ستظهر وهي ان سياسة نتنياهو اللاتفاوضية واللاسلمية اخفقت وفشل في عدوانه في تحقيق اي نصر عسكري اللهم الا اذا اعتبرنا مجازر الاطفال انتصارات.

مع بدء العد التنازلي لانهاء العدوان يبدأ العد التنازلي لسقوط نتنياهو سياسيا الا اذا توغل وتغول في الضفة استيطانا وقتلا وهذه قد تؤدي الى هبة موازية لغزة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com