القنبلة في عربة الطفل!
القنبلة في عربة الطفل!القنبلة في عربة الطفل!

القنبلة في عربة الطفل!

مارلين خليفة

باتت الحرب ضدّ "داعش" كونيّة إذ اكتشف إثر تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء ثمّ هجمات باريس الدامية وما بينهما من تفجير برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية وهجوم مالي على أحد الفنادق والتهديدات اليومية للطائرات بأن للتنظيم الإرهابي يمتلك أجندة خارجية تقضي بنقل معاركه من العراق وسوريا الى أنحاء العالم.

ويبدو بأنّ العالم الغربي بدأ يعي الخطورة الشمولية لهذا الإرهاب بعد أن وصل عتباته الأوروبية في باريس ولكن أيضا في بروكسيل التي تعيش حالة هلع حقيقية دفعتها الى إغلاق مرافقها العامّة وشلّ الجزء الأكبر من حركة النقل بسبب التوجّس من وجود مخطط تفجير دام يطال المدنيين على غرار باريس. في هذا الإطار انعقد إجتماع دولي رفيع المستوى بعنوان " الأمن التّعاوني والتهديدات المترابطة" في العاصمة البلجيكية دعا إليه "المنتدى الخليجي المتوسّطي" و" منظمّة معاهدة الأطلسي".

اللافت في هذا المؤتمر إثارته لموضوع "التهديد الأمني المترابط" الذي نعيشه يوميّا ولا نفقه معناه. فثمّة أشياء عدّة موجودة في حياتنا اليومية تحاكي الإرهاب! منها على سبيل المثال لا الحصر الإرهاب الذي "نتشرّبه" يوميا في أغنيات شعبية شهيرة نرددها تقول كلمات إحداها وهي باللغة الإنكليزية : (...) القنبلة في عربة الطفل قريبة من الراديو!

هذا الإتصال المتداخل للثقافة والفنّ والتكنولوجيا والذي روّجته وسائل التواصل الإجتماعي بشكل كبير أدّى الى تفشّ لأفكار ولمعلومات تحمل في طيّاتها بذور العنف وتروّج لقيم مشوّهة ولأفكار جهنمية كتلك التي تروّجها هذه الأغنية.

إنّ دمج هذه الأفكار البربرية مع الأدوات العصرية يخلق مزيجا شيطانيا هدّاما قادرا على جذب الشباب الى جميع أنواع الإنحرافات، ولا ننسى في هذا الإطار الألعاب الإلكترونية المنتشرة بين الأطفال في العالم أجمع من دون رقابة حقيقية على محتواها.

إن الرقابة القائمة حاليا بشكل مطرد على وسائل التواصل الإجتماعي ومحاولة التعاون مع المنظمات المدنية والسياسية في الخليج ودول الشرق الأوسط وإفريقيا ترمي الى زعزعة هذا الإرهاب المترابط والمتداخل وغير المرئي، وتمنع نشوء منظّمات مثل "داعش" تسعى الى تهديم الدّول.

التحديات تزيد، منها ما هو مرئي أيضا ويتمثل بالأعداد الهائلة للنازحين الوافدين الى دول الجوار السوري الأكثر تضررا والى الدول الأوروبية.

الى ذلك فإن الحرب على "داعش" لها بعدها الأمني والعسكري ولكن الإيديولوجي أيضا. وتنظيم "داعش" هو نسخة حديثة ومنقّحة عن منظّمة "القاعدة". يطال البعد الإيديولوجي المقاتلين الأجانب المنضوين تحت راية "داعش" والذين تبلغ نسبتهم الـ15 في المئة، في حين أنّ النسبة الباقية هي من المواطنين في المنطقة العربية، وثمة خطاب إيديولوجي وديني جديد ينبغي أن يتوجّه إليهم لفضح المنظمات الإرهابية التي اختطفت الإسلام وشوّهته عن سابق تصوّر وتصميم.

الى ذلك، ثمة حلول إجتماعية يجب أن يتمّ الشروع فيها بعد تفاقم حالات الفقر والبطالة في العالم العربي بشكل مطّرد، فضلا عن إعادة النظر بسياسات إدماج المهاجرين الذين يعيشون في بلدان أوروبية عدّة مهمّشين بشكل واسع ما يسهم في زيادة التطرّف.

ثمة قرارات طموحة سيتخدها الإتحاد الأوروبي بأجهزته العدّة ومنها "يوروبول" (قوات الشرطة الأوروبية) لتحسين أمن الحدود الخارجية للإتحاد وبغية تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية المعنية وأجهزة الشرطة وإنشاء قاعدة معلومات عبر نظام التأشيرات "شنغن" التي تتيح الحصول على معلومات مهمّة حول دخول الأفراد وتنقلهم. كما أنّ "حلف الأطلسي" يسعى لتوسيع مروحة تقديماته الأمنية لتجذب أكبر عدد من الدول التي ترغب فعليا بالقضاء على "داعش" وفروعه.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com