نهيان صديق العالم كله
نهيان صديق العالم كلهنهيان صديق العالم كله

نهيان صديق العالم كله

إذا ذُكرت ليالي رمضان في أبوظبي ، يذكر الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الشباب والثقافة وتنمية المجتمع الإماراتي . فمنذ سنوات أصبح شهر رمضان مناسبة سنوية ، يلتقي فيها أصدقاء الشيخ من داخل دولة الإمارات وخارجها، ليصبحوا مع الاستمرار والتكرار حلقة فريدة تضم جنسيات مختلفة، وتخصصات متنوعة ، واهتمامات متعددة.



على مائدة الإفطار اليومية التي يقيمها الشيخ نهيان في بيته يبدأ اليوم الرمضاني الطويل، حيث يقف الشيخ على رأس المائدة تتنقل عيونه بين الحاضرين، فيملأ طبقا لهذا، وطبقا لذاك ، حثا بالاسم حينا وبالكنية حينا آخر من يرى لديه ترددا، أن اقترب، ومناشدا من يكتفي، أن يستزيد.

و يقول القريبون منه إن الوقت الذي يقضيه الشيخ على المائدة يصرفه في توزيع الاهتمام بضيوفه وأن ما يدخل جوفه لا يكاد يشبع طفلا.

بعد التراويح ، تبدأ السهرة في الخيمة الرمضانية ، التي تؤمها تشكيلة، من الشخصيات الاقتصادية والفعاليات الاجتماعية التي يندر أن تجتمع في مكان واحد.

فيها يمكن أن تلتقي رؤساء جمهوريات حاليين أو سابقين، ووزراء ورؤساء حكومات، ساسة حاكمين ، وساسة معارضين، شعراء وكتاب وصحفيين، رجال أعمال ومدراء بنوك، أكاديميون وأساتذة جامعات، رجال دين مسلمين ومسيحيين من كافة الطوائف والمذاهب.

هذه الخيمة ليست خيمة خاصة كتلك الخيم الملحقة بالقصور والمنازل، بل هي جزء من خيمة رمضانية في أحد الفنادق الرئيسية، التي يأتيها الناس رجالا ونساء للسمر والتسلية. واختيار المكان بحد ذاته يعكس شخصية الرجل المحبة للناس، الحريصة على أن تكون جزءا من نسيج المجتمع، ونكهته.

أكثر من مرة كان يجتمع في ظل هذه الخيمة، أو على مائدة الإفطار الأضداد. اجتمع مثلا الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد مع رموز القيادة التي انقلبت عليه، بعد أن جاء من انقلب عليهم. واجتمع رئيس مجلس الحكم في العراق بعد الغزو الأمريكي لبغداد الدكتور عدنان الباجه جي مع وزير الخارجية والإعلام ذائع الصيت محمد سعيد الصحاف الذي كان لسان حال الرئيس الراحل صدام حسين.

وكثيرا ما اجتمع في نفس المجلس وعلى نفس المائدة، رؤساء حكومات العهد الملكي الليبي برموز وشخصيات محسوبة على نظام العقيد معمر القذافي.

على مجلسه وفي ضيافته مرت شخصيات انتقلت من المعارضة إلى الحكم أو من الحكم للمعارضة. من هؤلاء الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي كان ضيفا دائما على مجلس الشيخ نهيان طوال سنوات إقامته في الإمارات والتي امتدت أكثر من ثلاث سنوات قبل أن يعود بعدها ليحكم الجزائر ويقود مسيرة الوئام هناك. من هؤلاء أيضا نائب الرئيس المصري الراحل اللواء عمر سليمان ورئيس وزراء مصر الأسبق والمرشح الرئاسي المصري أحمد شفيق، اللذان اختارا الإمارات منفى لهما بعد أن ضيقت السياسة عليهما وطنهما، وحياتهما.

في مجلسه اجتمع من لبنان، رموز 14 آذار و8 آذار، دون أن تكون الخلافات السياسية حائلا دون اتفاقهما على الطبيعة الاستثنائية التي يتسم بها الشيخ نهيان، وعلى دماثته وقدرته في أن يكون صديقا للجميع بنفس المقدار ونفس الحرارة.

مجلس الشيخ نهيان لم يقتصر رواده على العرب فقط بل كثيرا ما ضم شخصيات عالمية يندر أن تقابلها. أو أن تجتمع في وقت واحد. من هؤلاء الذين أتيحت لي فرصة الالتقاء بهم عاهل السويد الملك جوستاف، ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير. والرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف، ورئيسة وزراء باكستان الراحلة بناظير بوتو وغيرهم ممن لا تحضرني أسماءهم.

قائمة زوار الشيخ نهيان لم تخل من رموز ثقافية وإعلامية بارزة، منهم على سبيل المثال الشاعر المعروف ادونيس والشاعر الراحل محمود درويش والصحفي الشهيد جبران تويني وعشرات من رؤساء التحرير والصحفيين العرب الذين يجدون في مجلسه فرصة للاستراحة من المتاعب، لا البحث عنها.

في سنوات الدراسة الابتدائية ، أذكر من بين دروس القراءة العربية، درسا بعنوان "سليم صديق العالم كله"، ويتحدث الكاتب فيه عن روح المبادرة وحب المساعدة والإيثار وغيرها من الصفات التي عرف بها بطل القصة، كما يتحدث عن حرص بطل القصة على الاهتمام بشؤون الناس، ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم، ليخلص إلى إبراز أهمية احترام الآخرين واكتساب محبتهم.

وكنت كلما رأيت الشيخ نهيان أتذكر ذلك الدرس الذي تعلمته في صباي والذي لا أجد تجسيدا أصدق منه، إلا في الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان الذي أصبح صديق العالم كله، بدماثة الخلق ، وتواضع الكبار .

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com