موسكو – واشنطن...انتصارات وانكسارات
موسكو – واشنطن...انتصارات وانكساراتموسكو – واشنطن...انتصارات وانكسارات

موسكو – واشنطن...انتصارات وانكسارات

إميل أمين

هل أحرزت موسكو انتصاراً جديداً على صعيد سياساتها الدولية في منطقة الشرق الأوسط؟

يبدو أن تطورات الأحداث في سوريا تقطع بذلك بشكل لا يقبل الشك ، فالروس لم يبالوا ولم يعيروا انتباهاً لكافة القوى الدولية ، وكذلك العربية الرافضة لاستمرار بشار الأسد في السلطة ، وها هم يرسلون إليه أحدث الأسلحة ، التي وصفها الجيش السوري بأنها أكثر دقة وفاعلية في التعاطي مع الجماعات المسلحة المنتشرة في الأراضي السورية.

لا يتوقف المشهد عند الأسلحة الروسية الحديثة للسوريين ، بل ربما نرى في القريب العاجل قوات روسية تحارب ضمن صفوف بشار الأسد، وهذا ما أشار إليه "ديميتري بيسكوف" السكرتير الصحفي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتأكيده على أن أي طلب قد تقدمه القيادة السورية بشأن مشاركة جنود روسيين في العمليات العسكرية مع أفراد القوات المسلحة السورية ضد "داعش" ، سيتم بحثه والنظر فيه في إطار إتصالات ثنائية.

قبل تصريحات "بيسكوف" كان وزير خارجية سورياً وليد المعلم قد أشار إلى أن بلاده ستطلب تدخلاً عسكرياً رسمياً إذا تطلب الأمر بالفعل تدخل قوات برية روسية. ....هل تعني هذه التطورات انتصارات روسية وانكسارات أمريكية؟

قبل نحو عام ومن على منبر الجمعية العمومية للأمم المتحدة تحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن قيام الولايات المتحدة بتدريب أعداد كبيرة من المعارضة المعتدلة السورية، تدريباً عسكرياً إحترافياً ، غير أن هؤلاء لم تثبت فعاليتهم أبداً، بل تعرضوا لانتكاسات غير طبيعية في مواجهة داعش، وفي الأيام الماضية قالت واشنطن أنها تقلص الأعداد إلى خمسمائة فقط ... هل يعني ذلك شيئاً آخر غير الإخفاق الأمريكي.

في الأسبوع الماضي تحدث وزير الخارجية "سيرجي لافروف" بالقول أن موسكو لديها معلومات مؤكدة تميط اللثام عن معرفة واشنطن بالأماكن التي تتواجد فيها داعش، وأنها لذلك تتجنب قصفها ما يعني أيضاً أن قصة التحالف الدولي هي قصة وهمية في معالجة داعش.

هل سئم الرئيس الروسي من الألاعيب الأمريكية؟

يبدو أن حالة السأم قد أصابت الروس حكومة وشعباً ورئيساً منذ وقت طويل ، منذ زمن التآمر على الأمة الروسية عبر جورباتشوف ويلتسين ، ولذلك فقد فهم بوتين الدرس مبكراً ، ومضى قدماً في شبه جزيرة القرم ، وها هو الآن يضع حداً للمخططات الأمريكية في المنطقة الشرق أوسطية ...

ما يجري في الشرق الأوسط في الأسابيع الأخيرة نسخة منقحة أو محسنة للموقف الروسي عام 1956 ، عندما أتخذ الروس في زمن خروشوف موقفاً حازماً ، كاد يؤدي إلى صراع دولى ، إلا أن إنذار إيزنهاور أوقف تدهور الأمور.

لم يكن بوتين لينتظر أن تضحى الجمهوريات السوفيتية السابقة ذات الحضور الإسلامي الكثيف خزاناً بشرياً لداعش كما خططت دوائر غربية بعينها لتقيد الدب الروسي الذي لا يقيد في واقع الحال ، وفضل أن يحارب داعش على أرض العرب لا على أراضي إمبراطوريته القيصرية.

عطفاً على ذلك، لم يكن لبوتين أن يقف مكتوف الأيدي أمام طرده من آخر المعاقل الروسية في ميناء طرطوس السوري، الطريق الوحيد أمامه إلى البحر المتوسط ومن ثم المحيط الأطلسي.

ما يجري في سوريا يصيب أيضاً المرء بحالة من الاضطراب في الفهم، ويبدو أن هناك شئ ما خفي بين أطراف الأزمة، أشارت إليه الصحافة الإسرائيلية مؤخراً، ومفاد الأمر أن هناك إتفاق خفى بين واشنطن وطهران وموسكو ، لإنهاء الأزمة في سوريا ، والقضاء على داعش ، وهو حديث يجد مصداقيته في ضوء قيام الطيران السوري بضرب مواقع داعش في الرقة عاصمة الخلافة المزعومة، وهذا لا يمكن حدوثه إلا بسماح أمريكي وبتنسيق روسي.

وفي كل الأحوال فإن إحاديث الأمريكيين مؤخراً عن إمكانية عقد محادثات عسكرية مع روسيا لدعم التحالف ضد تنظيم داعش ، تؤكد على وجود سيناريو ما قادم عما قريب ، فإما ان تنجلي الأزمة مرة وإلى الأبد ، وإما أن نرى صراعاً دولياً لا يعلم له حد أو مد في الشرق الأوسط، صراع يمكن بالفعل أن يقود إلى مواجهة عالمية في الحال أو الاستقبال.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com