"غيلان النفط"!
"غيلان النفط"!"غيلان النفط"!

"غيلان النفط"!

مارلين خليفة

لا شكّ بأن موضوع النفط هو جيو إستراتيجي واقتصادي بإمتياز،ومنذ بدء الحديث عن اكتشاف كميات من النفط والغاز في الحوض المشرقي وخصوصا في المنطقة الإقتصادية الخالصة للبنان اعتبر اللبنانيون أنهم دخلوا العصر الذهبي اقتصاديا وخصوصا مع توقعات تشير إلى نموّ سوق استخدام الغاز الطبيعي عالميا.

لكن أن تتحول إدارة قطاع النفط إلى أحد الشروط الموضوعة لانتخاب رئيس للجمهورية فهذا ما لم يكن متوقعا.

وفي هذا الإطار يبدو واضحا بأن الحراك الدبلوماسي المكوكي الذي يقوم به وزير الطاقة سابقا ووزير الخارجية حاليا وصهر العماد ميشال عون جبران باسيل لا يبتعد في مضامينه عن إثارة هذا الموضوع الحيوي لأكثر من دولة، والذي يتنافس عليه الأميركيون والرّوس والأوروبيون كونه شريان الحياة الصناعية والإقتصادية.

ويذهب بعض المتابعين إلى ربط المحادثات الجارية منذ فترة بين رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون وبين رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري بهذا الموضوع الحيوي.

أما بعض "العونيين" فيحللون بأن بتّ موضوعي "البلوكات" البحرية ومراسيم النفط العالقة ستعبّد الطريق أمام الجنرال عون للوصول إلى

قصر بعبدا الرئاسي.

قد يكون مفهوما أن يشكّل قانون الانتخابات النيابية وإصرار العماد عون على ترؤس أكبر كتلة نيابية مسيحية في البرلمان المقبل مفهوما، وقد يكون مفهوما مطالبته المستمرّة بأن يتولّى أحد أقاربه منه قيادة الجيش، وقد يكون مفهوما أن يصرّ مستقبلا على وضع شروط سياسية تعوّض له عدم انتخابه رئيسا للجمهورية.

لكن ما ليس مفهوما أن يصرّ عون (كما يرشح من أوساطه) أن يحتفظ بوزارة الطاقة إن مباشرة أو مواربة وعلى فترة طويلة من أجل إدارة القطاع النفطي فيكون شريكا أساسيا في إدارة ملفّ تتهافت عليه القوى السياسية لما ستجنيه من أرباح توظّف كلها بالسياسة الداخلية وبتقوية أحزابها.

لا يفكر السياسيون اللبنانيون بكيفية توظيف الثروة النفطية العتيدة في سبيل إنماء البلد وتطوير بنيته التحتية وإعلاء مستوى عيش مواطنيه، بل بكيفية استثمار الأرباح لزيادة ثرواتهم الشخصية وللوصول إلى مراكز قيادية متقدمة في الدولة.

وهنا مكمن الخلل، وهنا المصيبة في أن يتحوّل النفط شريانا حيويا للوصول إلى الرئاسة الأولى وللحكم والتحكم وليس لتحسين حالة الشعوب.

إنها حالة اللبنانيين التي لن تتحسن لأن الطاقم السياسي الموجود آت من الوراثة السياسية ومن الإقطاعيات ومن قطاع الأعمال وعقلية الكسب السريع ...رحم الله رئيس الجمهورية السابق فؤاد شهاب الذي وصف السياسيين اللبنانيين يوما بأنهم "أكلة الجبنة" ولو عاش لزمننا الحالي لربما كان وصفهم بـ"غيلان النفط"!

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com