أوروبا والنازحين السوريين: يا عيب الشوم!
أوروبا والنازحين السوريين: يا عيب الشوم!أوروبا والنازحين السوريين: يا عيب الشوم!

أوروبا والنازحين السوريين: يا عيب الشوم!

مارلين خليفة

تبدو البلبلة التي تعيشها الدول الأوروبية حيال ما تسمّيه "أزمة المهاجرين السوريين " مدعاة للقراءة العميقة حيال سلوك أقلّ ما يوصف به أنه معيب.

إثر الصورة الدراماتيكية للطفل السوري إيلان الكردي الذي غرق في زورق كان يقلّه وعائلته الى اليونان، "إستفاق" الأوروبيون فجأة على فضائحهم الإنسانية تجاه التعامل مع أزمة وجدت أصلا بسبب فشل دولهم وسواها في إيجاد حلّ سياسيّ في سوريا، ومعالجتهم الأزمة السورية بكثير من الشخصانية والتحيّز الذي تمليه المصالح الخاصّة.

وعندما يستمع اللبناني أو الأردني وحتّى التركي الى خطابات المسؤولين الأوروبيين في هذه الأيام يراوده شعور بالغثيان.

فقد ألقى رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر خطابا في 8 الجاري أمام البرلمان الأوروبي استهلك فيه كلّ الكلمات التي توصّف ما أسماه بـ "تحدّي" النازحين السوريين، وبالرغم من المسحة الإنسانية التي تضمّنها الخطاب إذ ذكّر يونكر نظراءه الأوروبيين بأنّ كلّ فرد منهم كان لاجئا في يوم من الأيام، إلا أنّ الأرقام التي قدّمها تبدو مستفزّة بالنسبة الى بلدان الجوار السوري التي تستضيف النازحين السوريين بأعداد هائلة وصلت في لبنان وحده الى مليون و700 ألف نازح.. فقد أعلن يونكر بأنّ ثمّة 500 ألف نازح سوري دخلوا الى الأراضي الأوروبية منذ بداية السنة الحالية، وأنّ أكثر الدول تأثرا هي اليونان التي تستضيف 213 ألف نازح، وهنغاريا وفيها 145 ألف نازح، وإيطاليا التي استقبلت 115 ألف نازح.

وقبل يوم من كلمة يونكر، جاء خطاب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي أعلن فيه باعتزاز بأنّ فرنسا ستستضيف 24 ألف نازح سوري في العامين المقبلين! وعقد وزير الداخلية الفرنسي برنار كازانوف لقاء ضمّ أكثر من 600 رئيس بلدية فرنسية أعربت عن استعدادها لاستضافة نازحين في "عرض عضلات" أقلّ ما يقال عنه بأنه مستفزّ بالنسبة إلى دول الجوار السوري ومنها لبنان.

ففي حين تعاود الدول الأوروبية النقاش في معاهدة لشبونة وخصوصا في البند المتعلق بكيفية توزيع أعداد النازحين في ما بينها، وتثير مواضيع شائكة مثل إدارة تدفق المهاجرين، ويغدق الإعلام الفرنسي المديح على استجابة أكثر من 600 مدينة فرنسية لطلبات النزوح بحيث عقد العزم على استضافة ألف نازح سوري فورا في فرنسا، في حين بدأت الخطط لاستقبال الـ24 ألف الآخرين في غضون العامين المقبلين، فإنّ هذه الدول ذاتها كانت ترغم لبنان على استقبال النازحين السوريين بلا أيّ قيد أو شرط ودون الأخذ بالاعتبار شروط النزوح الإنسانية الغير متوافرة بسبب ضعف البنى التحتية في لبنان وعدم قدرته على تلبية حاجات اللبنانيين أنفسهم سواء في الكهرباء أو المياه أو المدارس أو المنازل أو الطبابة.

والأنكى، أنّ هذه الدول وعبر سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية في لبنان وعبر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتّحدة كانت تهدد السلطات اللبنانية من إعادة أيّ نازح الى سوريا حتى ولو كان مرتكبا لجرم على الأراضي اللبنانية بحجّة خرق معاهدات حقوق الإنسان!

إنه سلوك أقلّ ما يوصف به أنه معيب، في حين أنّ هذه الدول تقمع النازحين السوريين بطرق مختلفة حتى باتوا لا يأبهون بالمخاطر فيلجأون إلى تجّار البشر ويصعدون إلى قوارب الموت طمعا بأرض آمنة. أكثر من 8 ملايين مهجر في الداخل السوري و4 ملايين في البلدان المجاورة في حين أن ثمة أكثر من 200 ألف موزعين على الشواطئ منتظرين طوق نجاة ولا يحصلون إلا على صورة فوتوغرافية قد ترافقها ركلة كما فعلت المصوّرة المجرية السيئة الذكر.

سلوك معيب جدّا حيال لبنان والأردن وتركيا، وتحديدا حيال لبنان حيث درج الدبلوماسيون الأوروبيون على إغداق التهاني على حسن الضيافة اللبنانية وقدرة التحمّل التي تتمتع بها "المجتمعات المحلية"!.. أقلّ ما يمكن قوله حيال سلوك الأوروبيين اليوم تجاه حفنة ضئيلة من النازحين السوريين: يا عيب الشوم!

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com