مشكلة أردوغان
مشكلة أردوغانمشكلة أردوغان

مشكلة أردوغان

أحمد مصطفى

أنفذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إرادته ودفع ببلاده لإعادة الانتخابات، مستغلا سلطات استنها لنفسه منذ توليه الرئاسة التي كانت منصبا شرفيا فحوله لسلطة فوق كل سلطات الدولة مقتطعا من سلطة الحكومة والبرلمان والقضاء.

وورط أردوغان رئيس حكومة حزبه أحمد داود أوغلو ـ الذي جاء به من الحياة الأكاديمية وأدخله السياسة ـ في تشكيل حكومة مؤقنة تجري الانتخابات مرة أخرى.

كان ذلك قرار أردوغان منذ نتيجة الانتخابات الشهر قبل الماضي والتي خسر فيها حزبه الأغلبية التي تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده، ولم يكن يريد لأي مشاورات تشكيل حكومة ائتلافية أن تنجح إذ وضع شرطا لأوغلو لا يقبل التفاوض: سلطات الرئيس وتعديل الدستور لتقنينها.

يرى كثيرون أن أردوغان مصاب بجنون السلطة، ويريد أن يحكم تركيا مثل "سلطان عثماني" أيام الامبراطورية البائدة، وفي هذا قدر من الصحة وينطبق على كثير من الحكام.

فمنذ نجح حزب العدالة والتنمية مطلع القرن وتولى أردوغان رئاسة الحكومة لا يفضل العمل من العاصمة أنقرة بل من اسطنبول واقتطع جزءا من حديقة قصر السلطان عبد الحميد (دولمه بهجه) وبنى فيه مكاتب لرئيس الوزراء مطله على البوسفور.

ورغم "جنون السلطة" لدى أردوغان منذ تولى بلدية اسطنبول قبل نحو عقدين من الزمان، إلا أن مشكلة أردوغان أكبر من هذا بكثير.

ورغم أنه روج في الآونة الأخيرة لفكرة أن هناك "مؤامرة" ضده شخصيا يقودها حلفاء سابقون له، لكن الحقيقة أنه استغل تلك "الإشاعة المحققة لذاتها" ليطيح بكل من لا يخضع له في أجهزة الدولة المعنية بالمساءلة وتطبيق القانون من قضاء وشرطة وإعلام وغيرها.

تلك هي مشكلة أردوغان الحقيقية: الخوف من المساءلة والمحاسبة على الفساد.

فعلى مدى فترة حكمه، وبعد تقليمه "أظافر المؤسسة العسكرية"، صبغ الفساد المالي/السياسي بطانة أردوغان حتى أغرق أبناءه.

كان ذك في جزء منه تدعيما لسلطته وحكمه، فأقطع من حوله من الخلصاء الأعمال والأراضي والتراخيص ولم يحل بين أهله والاستفادة من نفوذه.

وفي سياق تعظيم الدور، وارتباطا بالتنظيم الدولي للإخوان ومصالحه، ورط الرجل نفسه في أمور لولا حصانته كرئيس حكومة أو رئيس دولة لحوكم عليها أمام محاكم دولية ـ ألم يصور ابنه وهو يصحب ممولا للإرهاب مطلوبا أمريكيا يدخل تركيا ويخرج بدون رقابة؟ ألم يتورط مقبون منه في كسر الحصار على إيران ويستفيدون الملايين من ذلك؟

أما مصيبته الأكبر فهي توريطه لبلاده في ايواء الإرهاب وتمويله وتسهيل التجنيد له ومده بالعتاد ـ من داعش إلى القاعدة إلى الإرهابيين في مصر وليبيا وغيرهما.

أردوغان يريد إعادة الانتخابات ظنا منه أن النتيجة ستكون زيادة في شرعية حكمه فيقي نفسه شر المحاسبة والمسائلة، لكن يبدو أن الرياح قد لا تأتي بما تشتهي سفنه.

ولننتظر كيف سيكون الأمر عندما يثبت محام ما في مكان ما أن مواطنا لدولة كبيرة مهمة قتل على يد إرهابيين بسلاح تركي مول به أردوغان داعش أو القاعدة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com