كفى .. لن أستمرّ!
كفى .. لن أستمرّ!كفى .. لن أستمرّ!

كفى .. لن أستمرّ!

وئام غداس

كم مرة كانت نقطة النهاية في يدك فقرّرت أن تضعها في نهاية طريق تمشيه؟ هل قادك وعيك في أحيان إلى أنك تنهك نفسك وتعذّبها بالإصرار على المواصلة في حين أن المسلك بلا منفذ؟ اذن، هل تساءلت لماذا لا تجرؤ على التحرّر رغم ذلك، تتعنّت في حربك مع الفشل، تصرّ على معاركته، إنكاره، تجاهله، لن يقول لك أحد أن العيب ليس أن تفشل، وأنّ العيب الحقيقيّ أن تخسر نفسك بإستنزافها، بلا شيء يستحقّ.

يكفي، توقّف!

لكل شيء وقت يحين، والوقت في حدّ ذاته ليس للمضيعة، الحياة ثمينة فعلاً، هذه ليست مجرّد عبارة ببغائية مكررة لأن التأمل فيها لن يحيلك سوى على صدقها، الآن التفت حولك، وأنظر إلى أشيائك، قبل ذلك أنظر إلى نفسك، من أنت أولاً؟ سيفاجئك أنك لا تعرف نفسك، لأننا جميعا وببساطة نعيش حياة موجهة بالأساس ودائما إلى الآخر، تجد نفسك في النهاية مسكون بهاجس إرضاء الآخرين، لتكون ما يريدون لك أن تكون وليس ما تريده أنت لنفسك، مهما بلغت ضآلة وتفاهة التفاصيل أنت مسيّر من بيئة ومجتمع وموروث ومشاعر بدءاً بأكلك ولبسك وصولا لفكرك وسلوكك وتوجهاتك على تباينها، وإن كنا جميعا نخلق من دون أن نختار ذلك ومثلما تجد أبوين جاهزين وديانة جاهزة وإسماً جاهزاً و..و.. فأنت أيضا ذلك الكائن الذي سيواصل إيكال أمره وشؤونه لغيره، الآخر، وكلما ازددت أنت خضوعا إزداد هو تطلّباً وإستبداداً بك، ولست أرى أي خلاص إلاّ أن تمتلك قدرة أن تقول: لا! أريد هذا العمل وليس ذاك، هذا الشريك وليس ذاك، هذا اللباس وليس ذاك، هذا المصير بإختصار شديد، سوف يمنعك الخوف أن تفعل، هذا مؤكد، لكن الخوف ليس أكثر من مجرد حاجز، وضعه غيرك ليربكك، محض رهاب ذهنيّ، اقفز الآن، وتحرّر.

سأحبّني ثم سأحبّك أنت، المحبة السليمة تبدأ دوما من روح معافاة والروح المعافاة لا تعيش إلا داخل شخص متصالح معها، العبودية ليست شكلاً عاما فقط ولكنها ذات مناحٍ خاصة أيضا، بعضنا يجبن كذلك في المجاهرة بفشل علاقته العاطفية، ويتفنن في تمزيق قلبه تحت أغطية كثيرة، جميعها أسلحة للفتك بكيانه وليس مثلما يعتقد أنها تضحية أو حبّ كبير، خدعنا أنفسنا طويلاً بمقولة عصفور في اليد خير من عشرة فوق الشجرة، من قال ذلك؟ بل عصفور واحد فوق الشجرة خير من ألف ميت داخل اليد، تربينا حتى في الحب على إنكار ذواتنا، الأمر يحتاج أن تمسح عرقك، توفّر تعبك، تتدخر جهودك في محاولة نفخ الحياة فيما هو ميت، فالعطاء ليس مطلقاً، اهدأ، تريث وأدرك إلى أي مصب يجري هذا النهر وإلا نضب ونضوب نهر العطاء بداخلنا نوع من التشوهات النفسية العميقة.

الخوف من التعاسة لا يحمي أي علاقة، هذه قاعدة خذها بعين الإعتبار وبناء عليها توقف في اللحظة التي يجب أن تتوقف فيها، تعلم ما قالته الأغنية الفرنسية القديمة كيف تغادر الطاولة، اقلبها ان اقتضى الأمر وانفذ بجلدك، بأقل الأضرار الممكنة، لا تتنازل عن كرامتك، وكرامتك في أن لا تحبّ احدا أكثر من نفسك، أحبّ نفسك أولاً وعندها ستكتشف طاقتك في حبّ كل شيء وأحد بالطريقة الصحيحة، الحياة لا تتوقف على أحد صدقني ولكنها تتوقف عليك، الأنانية شيء آخر تماماً.

افتح ذراعيك لحياتك التي ستصنعها لوحدك من أجلك وتخفّف من كل ما يثقل روحك، المعاناة ليس ممرا إجباريا وسعادة الوهم مرّة المذاق، حتى الشجرة تترك لأوراقها حرية السقوط لتنبت أوراق أخرى جديدة من تلقاء نفسها .. تحرّر تحرّر تحرّر.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com