إيران: من الابرة....  للصاروخ !
إيران: من الابرة.... للصاروخ !إيران: من الابرة.... للصاروخ !

إيران: من الابرة.... للصاروخ !

جيهان الغرباوي

اراد ملك الروم ان يتباهى على ملك الفرس، فارسل له السفراء يحملون الهدايا و النفائس و آخر اختراعات الروم المبدعين ، و كانت ابرة الحياكة هي آخر ما توصل له فكر الروم وقتها ، كانت مصمتة و غليظة و كل مهمتها احداث ثقب في القماش يدخلون فيه الخيط بأيديهم، و خيط بعد الذى يليه تحدث عملية الحياكة المثيرة ..

اغتاظ ملك الفرس فأمر باحضار العلماء و المفكرين في بلاطه و قال لهم امامكم يوم واحد ، لتخترعوا اختراعا اعظم و اهم نرد به على رسالة الروم ...

ولم ينم العلماء و المفكرون ليلتهم ، حتى جاء الموعد و قدموا لملك الفرس ما اراد ، فاستدعى سفراء الروم الذى اكرم ضيافتهم ، و قدم لهم هديته في علبة صغيرة ، فتحوها فوجدوا ابرة الحياكة بشكلها الذى نعرفه اليوم ( رفيعة و لها ثقب في نهايتها) ، و حينها قال الملك مبتسما : لقد قدرنا هداياكم ، و لكننا نتعجب لماذا تقومون بكل هذا الجهد من اجل عملية حياكة بسيطة ؟ نحن نخيط ملابسنا باقل جهد و اسرع وقت ، لأننا ندخل الخيط في الابرة أولا و ليس في القماش ، على اية حال يسر الشعب الفارسى ان يهديكم هذه الابرة المثقوبة لتقلدونا و تصبح حياتكم ايسر ( ! )

انها حكاية من تراث الشعب الايرانى ، الذى يتحدث اليك دائما بثقة من خرم الابرة ، و خصب اليورانيوم ، و استنسخ الاعضاء البشرية ، وتحدى امريكا بالنووى ويهدد اسرائيل بالصواريخ ...

ومع ذلك فهو شعب طيب جدا و متعاون للغاية ، خاصة لو عرف انك مصرى ، وقتها تضمن انك ستمضى اليوم كله مكرما معززا دون ان تدفع مليما ، او بالاحرى دون ان تدفع ( تومان ) واحد !

العملة في ايران هى التومان و كل 100 تومان بدولار تقريبا ، وهو مبلغ زهيد هناك على عكس ما قد يوحى به الرقم ، فكل 100 تومان تجمعهم عملة ورقية واحدة مرسوم عليها صورة الخومينى ، و قيمتها الشرائية متواضعة جدا بحيث لا تسمح لك مثلا الا بشراء قطعة كبيرة من غزل البنات ،الذين يطلقون عليه في طهران ( شعر البنات ) و ينادون في الطرقات و الاماكن السياحية عليه : شعر البنات بخومينى ... بخومينى شعر البنات !

و هكذا الشاى مثلا ب2 خومينى ، و تذكرة دخول قصر الشاه ب3 خومينى ، وتوصيلة قريبة بالتاكسى بخمسة ستة خومينى ، و مع ذلك رفض سائق التاكسى الذى كنت استقله في يوم مطير ، ان ياخذ اى مقابل لتوصيلى للفندق

حيث كنت اقيم ، مع انه كان فندقا فخيما شهيرا لا يعبر بصدق عن حقيقة وضعى المالى المتأزم أ و مركزى الاقتصادى المتدهور على الصعيد العالمى و المحلى ، لكن الرجل ابدى اصرارا شديدا على ان يعفينى من التكاليف اكراما لمصر و الازهر و الست ام كلثوم ، و فوق ذلك اخرج من كاسيت السيارة اسطوانة الاغانى الفارسى التى اعجبتنى، و صمم ان احتفظ بها على سبيل التذكار.. و بالطبع كنت كريمة معه و اردت ان ارد التحية بأحسن منها، فأخرجت محفظة نقودى من حقيبة يدى و الرجل امامى يصرخ مصرا انه لا يريد شيئا ، و انا مصممة يمين عل يمينه و حلفان عل حلفانه ما هو ماشى غير لما ياخد اللى فيه القسمة، وقد كان.. و اخرجت له اخيرا عملة معدنية لامعة من فئة الجنيه المصرى ، نظر السائق للفرعون المرسوم على ظهرها باعجاب شديد ، و ابتسم لى ابتسامة امتنان كبيرة و هو يضعها في جيبه ، و مضى بسيارته سعيدا يلوح لى بيده حتى نهاية الطريق ...

يقولون ان الشعب الايرانى يقدس التاريخ الفرعونى القديم ، و يعشق المصريين لأنهم اصحاب حضارة عظيمة مثل حضارته ...

والله صدقوا ، وان كانوا هما اللى خرموا الابرة ، فاحنا بعون الله اللى خرمنا الربع جنيه !!!

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com