"النسوة يستقين الماء من النهر": سفر صغير نحو فيتنام
"النسوة يستقين الماء من النهر": سفر صغير نحو فيتنام"النسوة يستقين الماء من النهر": سفر صغير نحو فيتنام

"النسوة يستقين الماء من النهر": سفر صغير نحو فيتنام

وئام غداس

نغوين كوانغ ثيو

عن دار الجمل 2015 صدر مؤخراً الديوان الفيتنامي "النسوة يستقين الماء من النهر" للشاعر الفيتنامي نغوين كوانغ ثيو، وقد ترجمه عن الانجليزية الشاعر سعدي يوسف.

ولد ثيو عام 1957 في قرية جوا التي تقع في محافظة هاتي والتي تبعد قرابة الخمسين ميلاً غربي مدينة هانوي عاصمة فيتنام، دخل عالم الكتابة عام 1982 وصدرت له: البيت ذو الحافة الخضراء 1990/ الأرق المحترق 1992/ جنود القرية 1995/ نساء يستقين الماء من النهر 1995، إضافة إلى أربعة روايات ومجموعتين قصصيتين، وكتاب قصص للأطفال، تحصّل عام 1993 على جائزة "إتحاد الكتّاب الفيتناميين" عن ديوان الأرق المحترق والتي تعتبر من أهمّ الجوائز في فيتنام، تحصّل على جائزة الدولة وكان محطّ أنظار الصحافة وواحداً من أبرز الأسماء في ساحة الأدب المعاصر في فيتنام.

هذا الديوان هو أول دخول لثيو إلى المكتبة العربية، وقد كان لقاء سعدي يوسف به عابراً خلال إحياء ذكرى بلدة غرنيكا ، شمال إيبريا صيف 2012 ، لكن بعد التعرف على قصائده المترجمة إلى الأنجليزية، ولأنها ذات طابع مغاير، ولأن الشعر لغة عابرة للحدود، من بينها حدود الثقافة واللغة، فإنّ ما عاشه سعدي يوسف من متعة وهو يقرأ لثيو دفعه أن لا يستأثر بها لنفسه ومثلما قررت مارتا كولينز سنة 1993 أن تنقل مجموعة من قصائده من اللغة الفييتنامية إلى الأنجليزية، ارتأى شاعرنا العربيّ نقلها إلى العربية "لغتنا الأجمل" حسب تعبيره، وهو واثق " بأنّ الناس الذين يقرؤون العربية سوف يهتمون بأشعاره، وقد يستمتعون!".

قبل سعدي يوسف، تعرفت الأكاديمية مارتا كولينز على قصائد ثيو التي كان قد شرع بمفرده فى ترجمتها إلى الأنجليزية، دفعها تأثرها بلغة ثيو شديدة الحميمية إلى الذهاب بعيدا بهذه التجربة ، لكن المهمّة لم تكن سهلة على الإطلاق حسب ما وصفت مارثا، عملية الترجمة لم تكن هنا مجرّد نقل قصائد من لغة إلى لغة، فقصائد ثيو كان محمّلة بروحه وروح بلده مطابقة للحقيقة، غائرة في المحليّة، وفي تلك الدلالات والإشارات التي تطبع كلّ حضارة ومجتمع دون أن تكون ذات معني في مكان آخر، كان من المشقّة بمكان ترجمة مثل هذا العمل إلى لغة أخرى، وقد اجتهدت مارتا كثيرا كي تحافظ على أصالة ومتانة الروح الفيتنامية الحاضرة بقوة في هذا الديوان، وهو ما سهل أيضا عملية الترجمة إلى العربية.

يبتعد نغوين كوانغ ثيو في هذا الديوان مسافة كبيرة عن ماضي الحرب الأليم، المثقل بالدماء والأحزان، فجأة يقلب اللون الأحمر إلى ألوان زاهية يستمدها من الأرض والقرية حيث يستدعي أشدّ الأماكن حضوراً في ذاكرته ووعيه ولا وعيه، وكلّ التفاصيل الدقيقة التي أحبّها وحفظها في مكان قصيّ من قلبه.

تغلب لغة شديدة الحميمية على كل الديوان، هنا أنت لا تغادر قرية ثيو، حياة سكانها اليومية، نساءها، الأم، الأب، والبيت بتفاصيله حدّ قنديل الزيت.

ثيو الطاعن في حساسيته تجاه هويّته ينقل عدوى العاطفة المتأججة الموشومة بالحلم إلى قارئه بيسر، مفكّكاً صوراً لا تبرح مخيلته، ملتقطاً جزئياتها بشكل يحيلك إلى لوحة متكاملةٍ بألوانها وشخوصها لا إلى نصّ من حروف.

في " النسوة يستقين الماء من النهر" يطرق الشاعر الفيتنامي أبواب الذاكرة والحنين، يطوف بك بخفّة العطر أرضه وأهله، ونساء قريته الوحيدات، إذا فتحت هذا الديوان فثق أنّك تفتح سيلاً من عاطفة، أو نافذة على حديقة بديعة لن يفوح من أبياتها إلاّ الجمال.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com