شتموا الدوحة.. و  لهثوا وراء دولاراتها!
شتموا الدوحة.. و لهثوا وراء دولاراتها!شتموا الدوحة.. و لهثوا وراء دولاراتها!

شتموا الدوحة.. و لهثوا وراء دولاراتها!

محمد بركة

لا أعرف بالضبط كيف يمكن لنا أن نصف هذا الموقف الذي ينطوي على مفارقة فجة: ازدواجية متعفنة أم مبادئ مصنوعة من المطاط القابل للتمدد حسب الظروف، أم أن الأمر لا يعدو كونهم حفنة من المثقفين الواقفون دائما تحت الطلب، رهن إشارة من حاكم هنا أو رجل أعمال هناك؟

عن موقف الأدباء المصريين من جائزة " كيتارا" القطرية نتحدث. و عن التناقض الصارخ في المواقف و المعايير نتوقف برهة متأملين. في ثمانينيات القرن الماضي، وافق عبقري القصة القصيرة و "تشيكوف العرب" يوسف إدريس على قبول جائزة من الرئيس العراقي صدام حسين المصنف من قبل جماعات المثقفين على انه طاغية الفرات، فاعتبر كثيرون أن تلك هي كبوة الجواد في مسيرة " أبو حجاج" والنقطة السوداء في ثوبه ناصع البياض.

وفي 2009 هلل المثقفون المصريون للكاتب الاسباني خوان غويتيسولو الذي أثار زوبعة بعد إعلان رفضه تسلم «جائزة القذافي العالميّة للأدب»، التي كانت تأسست عام 2007 وتُمنح للأدباء الذين «يسهمون بكتاباتهم في الدفاع عن حقوق الإنسان وعن القيم الإنسانية»، وتقدَّر قيمتها بـ 150 ألف يورو "200 ألف دولار" . غويتيسولو اعتبر المبلغ المالي مقدّم من الجماهيرية العربية الليبية التي «استولى فيها معمّر القذافي على الحكم بانقلاب عسكري سنة 1969». مؤكدا أنّ احترامه للثقافة العربية والقضايا العادلة دفعه لرفض الجائزة باعتباره يعد بين قلّة من الروائيين الأوروبيين المهتمين بالثقافة العربية – الإسلامية، وقد دافع قدر استطاعته عن القضية الفلسطينية، " وكنت حاضراً على جبهات النضال من أجل الديمقراطية في العالم العربي، واستعادة شعوب المنطقة للحريّة التي حرمت منها على نحو تعسّفي" .

أيضا هلل هؤلاء المثقفون للروائي المصري صنع الله إبراهيم حين رفض جائزة الرواية العربية التي تمنحها القاهرة " احتجاجا على انبطاح نظام مبارك أمام الأمريكان " و استنكروا قبول العالم المصري د. احمد زويل جائزة مقدمة له من تل أبيب حيث تسلم من الرئيس الإسرائيلي عزرا و ايتسمان شيكا بمبلغ مئة ألف دولار.

إذن النخبة الثقافية المصرية هي التي أرست مشروعية تسييس القضايا الأدبية و العلمية و عدم تجزئة المبادئ والنظر لهذه الجائزة أو تلك في إطار المشروع السياسي لهذا النظام أو ذاك ، فلماذا تأتي الآن و تقول بخصوص جائزة قطر : لا .. لا .. لا داعي للخلط بين السياسي و الثقافي ، ولا بأس في أن نشارك جماعات و فرادي في جائزة كيتارا !

لاحظ معي من فضلك أن نفس هذه النخبة هي التي اعتادت أن تلعن قطر آناء الليل و أطراف النهار ، وهي التي توحدت مع الخطاب الإعلامي الذي يري في الدوحة الشيطان الأكبر ، وفي السياسة التحريرية لقناة الجزيرة مؤامرة مباشرة على الأمن القومي لمصر .

التوظيف السياسي يفوح بقوة من رائحة الجائزة القطرية التي تسعى – بحسب الموقع الالكتروني لها - أن تصبح منصة إبداعية جديدة في تاريخ الرواية العربية تنطلق بها نحو العالمية، وحافزا دائما لتعزيز الإبداع الروائي العربي ومواكبة الحركة الأدبية والثقافية العالمية، والإسهام عبر هذه الجائزة في التواصل الثقافي مع الآخر من خلال الترجمة والأعمال الدرامية "

كلام جميل ..

وكلام معقول ..

لا استطيع – مثل ليلي مراد – أن أقول شيئا بخصوصه

لكن يظل وراء الأكمة ما وراءها ..

وان يتسابق 214 روائيا و روائية من مصر للفوز بإحدى فروع الجائزة التي يبلغ إجمالي قيمتها 450 ألف دولار لهو أمر جدير بالتأمل ، خصوصا حين تصدر الجائزة عن عاصمة تكاد تكون متهمة رسميا من القاهرة بدعم الإرهاب و التآمر على مستقبل مصر ..

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com