قانون الكونغرس.. القشة التي قصمت العراق!
قانون الكونغرس.. القشة التي قصمت العراق!قانون الكونغرس.. القشة التي قصمت العراق!

قانون الكونغرس.. القشة التي قصمت العراق!

بغداد- محمد وذاح

القانون الذي اقرّه الكونغرس الأمريكي في نهاية شهر إبريل الماضي، والذي سيتعامل مع الأكراد والسُنّة في العراق كبلدين مستقلين، ويتيح تقديم مساعدات عسكرية ومالية مباشرة للطرفين من دون الرجوع للحكومة الاتحادية في بغداد، لم يأتِ إلا بعد أن أصبحت القناعة لدى الإدارة الأمريكية بضرورة إنهاء الفوضى والصراع الذي أوجدته منذ تغيّر نظام صدام حسين عام 2003، بتحويل العراق إلى ثلاث دويلات (شيعية سنية كردية).

قانون الكونغرس، عززته شكوى القيادات السياسية العراقية، وبالأخص السنّية والكردية المستمرة من خلال زياراتها إلى واشنطن ولقاء الرئيس الأمريكي والمسؤولين في البيت البيضاوي، بصعوبة العيش معاً، في عراق موحد وتقاسم خيراته، في ظل حكومة يهيمن عليها الشيعة ويتهمونها بالطائفية والتفرد بسلطة القرار وتغييب طيف واسع من العراقيين بحجة الانتماء لحزب البعث المنحل.

فالزيارة التي يقوم بها الآن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما، تأتي من أجل الحصول على تأييد واشنطن لإعلان حدود الدولة الكردستانية المرتقبة والتي لا تحتاج سوى قصّ "الشريط الأحمر" بعد أن أمّن الإقليم لهُ نفط كركوك وضمت لسكانها الأيزيديين والمسيح لصهرهم في المجتمع الكردي؛ فيما تعمدت السلطات في كردستان منع الأقلية التركمان من التوجه إلى الإقليم بعد سيطرة تنظيم "داعش" على مدنهم في سهل نينوى وكركوك، ودفعهم الى النزوح نحو العاصمة بغداد والمحافظات الجنوبية، لقطع الطريق على أي منغص تركي لها في المستقبل من خلال المطالبة بهم وبحقوقهم.

أما قيادات السُنّة العرب من سياسيين ورجال دين وشيوخ العشائر، فأعلنوها لأكثر من مرة ومن دون مواربة بأن الحل للمعضلة السياسية والأمنية وإنهاء الصراع في المناطق التي تخضع لسيطرة "داعش"، يأتي بإنشاء إقليم سنّي يضمّ محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى؛ وما قانون الحرس الوطني الذي ينتظر التشريع في البرلمان العراقي، ويعرقل تمريره الشيعة، إلا بداية لمشروع الإقليم السني المُرتقب.

حتى الشيعة أنفسهم، العامل الممانع شبه الوحيد من دعوات تقسيم العراق، فهنالك تظاهرات مستمرة في جنوب البلاد متناغمة مع الدعوات المتكررة التي تطالب بها قيادات وكتل في التحالف الشيعي، لإنشاء إقليم الجنوب والذي تكون عاصمته مدينة البصرة الغنية بالنفط ويضمّ محافظات أخرى الى جانبها.

إذن؛ لماذا هذا التحامل على الولايات المتحدة بمحاولتها تقسيم العراق الى ثلاث دويلات؟ هل بمقدور واشنطن السعي لتقسيم العراق لولا وجود شرخ مجتمعي كبير وواضح بين السنّة والشيعة والأكراد وصعوبة التعايش السلمي معاً وتقاسم خيرات البلاد؟

ما يحتاجه الشعب العراقي اليوم، الوقوف وقفة جادة وحقيقية من أمره، إما العيش معاً في عراق موحد بإيجاد مصالحة حقيقة تضم كافة الأطراف وتقبل الآخر بكل سيئاته وحسناته وتناسي الخلافات والأحقاد السابقة، أو ترك الأمور تجري على سجيتها بتحول العراق في المستقبل القريب أو البعيد إلى ثلاث دويلات (سنية شيعية كردية) ضعيفة ومتشرذمة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com