مولاي.. يا مولاي!
مولاي.. يا مولاي!مولاي.. يا مولاي!

مولاي.. يا مولاي!

محمد بركة

- بابا.. شغَّل أغنية مولاي!

أجمل الأوامر أتلقاها من ملكتي الملائكية فأمتثل سريعاً فشر أي خادمة فلبينية. تمتد يدي إلى كومة السيديهات المكدسة داخل تابلوه السيارة. ألتقط من بين عشرات الألبومات السي دي المميز بغلافه الأخضر.

يتصاعد اللحن الشجي الذي وضعه بليغ حمدي ثم يظهر صوت الكورال هادئاً ومكثفاً، عميقاً وحزيناً:

من لي ألوذ به... إلاك يا سندي

ثم يأتي صوت أشهر المبتهلين في التاريخ المصري الحديث الشيخ  سيد النقشبندى: قوياً وضارعاً ومستغيثاً

- مولااااااى... يا مولاااااى

الأهم أن صرخة النقشبندى تنشد الخلاص لنا جميعاً وتترافع عن خطايانا ببلاغة التذلل وفصاحة العبودية في أقل من عشر ثوان عبر "التراك" الأول للسي دي.

يحدث هذا يوميًّا وأنا أقوم بتوصيل كريمتنا ميريت الحاصلة على كرسيK. G. I  بجدارة وزميلة حضانة "هابى تشايلد" الكائنة بتقاطع شارع الكامل محمد مع 26 يوليو بحي المهندسين . وإلى الخيال الخصب ولطشة الفن لدى بطل الحرب والسلام الرئيس المؤمن محمد انور السادات  أدين بتعلق ميريت    "5 سنوات و 3 شهور" بكبرى روائع الابتهالات الدينية، فالرئيس الراحل  بعد أن كسر الحاجز النفسي بين العرب والإسرائيليين أراد أن يكسر نفس الحاجز مجددًا، ولكن هذه المرة بين  " بتوع الفن " و " بتوع ربنا " . فكَّر في أن بليغ حمدي عفريت في الغراميات والنقشبندى عفريت فى الابتهالات، فماذا لو جمعهما بعمل واحد، تمامًا كما جمع عبد الناصر أم كلثوم وعبد الوهاب ومفيش حد أحسن من حد...".

المشكلة كانت في الشيخ.

لم يكن مستريحًا لحكاية بليغ ولا بد أنه سمع عن حياته الخاصة ما جعله يستعيذ بالله من غضب الله، ولكي يمسك بالعصا من المنتصف، فلا يحرج نفسه أو يسئ للمقام الرئاسي، وافق من حيث المبدأ محتفظًا بحقه في الانسحاب:

- سأستمع إلى اللحن وإذا لم يعجبني سأظل مرتديا عمتي وأشرب الشاي ثم أتوكل على الله وكفى الله المؤمنين القتال، أما لو أعجبني فسأخلع العمة وأضعها بجواري فتكون هذه هي علامة الموافقة النهائية وعلى بركة الله!

       هكذا جرى الاتفاق بين النقشبندى ومندوب الرغبة الرئاسية السامية، وحين وصل المندوب وقلبه يدق خوفًا وطمعًا، وجد الشيخ خالعًا العمة والكاكولا ولولا الملامة لخلع القفطان فوق البيعة..

مولاي ..

يا مولاي !

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com