كيف يغري"داعش" الشباب؟
كيف يغري"داعش" الشباب؟كيف يغري"داعش" الشباب؟

كيف يغري"داعش" الشباب؟

 مارلين خليفة

سلفيون مميزون استضافهم أخيرا مركز "كارنيغي الشرق الأوسط" في العاصمة اللبنانيّة بيروت للتحدث عن مستقبل السلفية في العالم العربي.

تميز هؤلاء وهم من مصر وتونس والمغرب بنبرة خطاب ديني معتدلة لم يدر الجمهور اللبناني هل اختارها هؤلاء قصدا لتتناسب مع المناخ اللبناني المنفتح نسبيا أم أنها فعلا كذلك.

ومن دون التطرّق الى مضمون الندوة الطويل نسبيا، فإنّ أفكار عدّة تمّ طرحها يجدر تمحيصها والتفكير فيها بعمق.

ولعلّ التجربة المغربية كانت الأكثر تشويقا، وخصوصا وأن المتحدث الشيخ محمد رفيقي التقى سلفيين متطرفين قبعوا في السجون المغربية لأكثر من 9 أعوام، كما أنه على تماس مع شباب متطرّف تمّ إغواؤه من قبل تنظيم "داعش".

 ويبدو بأنّ مسألة التطرف الديني هي محورية في المغرب كما في البلدان التي لفحها ما يسمّى بـ"الربيع العربي"، لكن السؤال الأساس يبقى الآتي: لماذا ينجح تنظيم "داعش" الإرهابي في إغراء الشباب؟ وبعيدا من الأسباب الروتينة التي تقدّم غالبا أي الصعوبات المعيشية والبطالة، فثمّة أسباب أخرى أعمق وهي ليست معلنة.

أبرزها دوافع فكريّة تنبثق من إشكال في الخطاب الديني الذي تمّ زرعه في ذهن هؤلاء الشباب. والمشكلة بحسب السلفيين أنفسهم أنّ ثمّة تضخيم في الهويّة الإسلاميّة على حساب الهويّة الوطنية عبر اعتقادات تبثّ يوميا تفيد بأن الأمّة الإسلامية هي التي تحقق كلّ شيء في حين تصوّر الدولة وكأنها وثنية وأنّ حدودها هي وليدة المستعمرين (إتفاقية سايكس بيكو). هذه الأفكار تضعف الهوية الوطنية في نفس الشاب، فيرى تناقضا بين ما تعلّمه في المدرسة وبين شعارات جذابة تشحنه، ولا يرى هذا الشاب أي شيء يستجيب لهذا الشحن إّلا "داعش" التنظيم الذي يحقق الإشباع النفسي للخطاب الديني الذي تمّ بثّه في عقله ونفسه والذي ضخّم الهوية الإسلامية على حساب حبّ الوطن الذي لا يعود الإلتفات إليه مهمّا.

العامل الثاني الذي تستغله "داعش"  هو اللعب على مسألة "الحلم"، فلكلّ شابّ حلم معيّن: البعض يحلم بدولة مستقرة حرّة وديموقراطية وآخرون يندفعون الى الحلم بالخلافة الإسلامية، وبنظر هذه الفئة فإن حلم الدولة العادلة غير قابل للتحقيق على عكس "حلم الخلافة" الذي بدأ "داعش" تحقيقه فعليا.

عامل آخر لا يتنبّه له الكثير يتمثل بالخطاب الديني الذي ينتهجه تنظيم "داعش"، وهو خطاب يتناسب تماما مع الشحن الديني الذي يتلقاه الشباب عبر القنوات الدينية والدروس والمواعظ التي تتحدّث عن الجهاد والخلافة.

فإذا قيل لهم بأنّ "داعش" يذبح البشر وهذا غير مقبول يجيبون بأن الذبح موجود في الفقه الإسلامي ويبررون لـ"داعش" ذلك قائلين أنّ " من طرق الحكم التغلّب" وأنّ "التاريخ الإسلامي مليء بأمور مماثلة".

بالإضافة الى عامل آخر يتمثل بـالتأثير الإعلامي الخطير الذي تقوم به "داعش" وهذه الصوتيات والمرئيات التي تتطلب في مواجهتها عملا إعلاميا مضادّا وضخما.

أما العامل الأخير فهو خطاب "داعش" البسيط، فكل التنظيمات الأخرى يحتاج خطابها الديني الى تفسير وشرح أما "داعش" فيطرح موضوع الخلافة بلا تعقيدات، وهو مشروع محقق بشكل بسيط.

وبالتالي يخلص "السلفيون المعتدلون" الى أن  أول تحدّ تواجهه الحركات السلفية يتمثّل بإعادة صياغة الخطاب الديني. فإحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة تمّ تبريره بأمور تمّ اقتباسها من الفقه. ما يعني ضرورة تجديد المضمون ليتناسب مع المتغيّرات وتشجيع الشباب ودفعه للمشاركة في المجتمع المدني.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com