البسي الحجاب اخلعي الحجاب
البسي الحجاب اخلعي الحجابالبسي الحجاب اخلعي الحجاب

البسي الحجاب اخلعي الحجاب

أنهيت مدونتي الأخيرة حول موضوع الفتاوى بالقول: أما آن للعالم أن يفهم أن جسد المرأة ملكها وحدها، ولا يحق لأي شخص، باسم أي دين، أن يسلبها هذا الحق، كائنا من كان.

وها نحن نعود مرة أخرى إلى إشكالية جديدة قديمة تتعلق أيضا بالمرأة، وتتمثل بموضوع الحجاب في مجتمعاتنا.

الاشكالية هذه المرة جاءت من مصر، حيث  أطلق الكاتب والإعلامي شريف الشوباشي دعوة لخلع الحجاب، وحث الفتيات، اللاتي يردن خلع الحجاب، إلى المشاركة في تظاهرة مطلع مايو المقبل، في ميدان التحرير وسط القاهرة، وفيها يقمن بخلع حجابهن وسط حماية مجموعة من الرجال، سيكون الشوباشي نفسه في مقدمتهم.

وتوقع الشوباشي ان تتسبب هذه التظاهرة برد فعل كبير لا يقل عما قامت به هدى الشعراوي عندما خلعت البرقع سنة 1923 لكن ما غاب عن بال الشوباشي أن هدى الشعراوي قامت بخلع برقعها بعد تفكير عميق وبقرار شخصي.

هذه ليست المرة الأولى التي تثار فيها الجدل حول مسألة الحجاب، ولن تكون الأخيرة، إذ يصور لك من يدعو إلى الحجاب على أنه العقبة الوحيدة أمام نساء العالم العربي ومصر تحديدا في التطور ونيل الحقوق المتساوية مع الرجال.

في عام 1981 صدر منشور في تونس أواخر حكم الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، منع بموجبه "الزِّي الطائفي" داخل المؤسسات التابعة للدولة، واستمر العمل بهذا المنشور الى حين الإطاحة بزين العابدين بن علي في 2011 حيث ألغت السلطات الانتقالية العمل بالمنشور المذكور لتلغي منعا رسميا مشددا للحجاب، لكن المفارقة أن عدد المحجبات وحتى المنقبات قد ازداد في تونس.

إشكالية موضوع الحجاب معقدة، والاجتهادات والفتاوى حول هذا الموضوع مختلفة، ومتناقضة في الكثير من الاحيان. لكن في النهاية ألا يتعلق هذا الأمر بالحرية الشخصية للفرد وللمرأة تحديدا؟ أليست هي صاحبة القرار الأول والأخير في ارتداء الحجاب من عدمه؟ وعليه، أليس من الأفضل للرجال عدم الخوض في هذا السجال؟

دعوة الشوباشي للفتيات إلى خلع الحجاب مثيرة للسخرية، فهي ترسخ وتكرس الآراء النمطية المسبقة في مجتمعاتنا العربية التي ترى شكل المرأة الخارجي هو المؤشر والدليل على كون هذه المرأة متحررة ومتعلمة أم لا أو العكس.

يا عزيزي يا صاحب الفكرة المبتذلة، مشاكل النساء في المجتمع المصري أعمق بكثير من القشور الخارجية والمظهر والحجاب. مشاكل النساء في مصر، سواء كانت محجبة أم لا، هي شعورهن الدائم بالعري إزاء سطوة النظرات الذكورية الشرهة والتحرشات التي تفاقمت في السنوات الأخيرة.

من هنا، على المجتمع المصري أن يعمل أولا من أجل إنهاء كل الظواهر الشاذة التي تمس بالنساء وتقمعهن في الشارع وفي البيت، حتى تحصل المرأة على الاحترام وحرية الاختيار والتعلم، وتشعر بالأمان المفقود.

بعد هذا كله، لتذهب الفتاة الى ميدان التحرير لتخلع حجابها أو لتلبسه، وفقا لحريتها الشخصية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com