حلفاء وجواسيس
حلفاء وجواسيسحلفاء وجواسيس

حلفاء وجواسيس

  إميل أمين

هل الجاسوسية أمر ضارب في جذور العقلية الإسرائيلية؟

تخبرنا صفحات التوراة أنّ ذلك كذلك بالفعل، فمنذ زمن جدعون قاضي قضاة إسرائيل وأعمال التجسس كامنة وقائمة في عقل وحياة بني إسرائيل ولذلك بات التجسس على الآخرين عندهم ديدن، ربما بسبب حالة الخوف التي يعيشونها ليل نهار، والقلق الذي يلفهم، سيما بعد سنوات ما عرف بالدياسبورا، أي الشتات الذي تعرضوا له حول العالم بدءا من سنة 70 ميلايدية على أيدي الرومان، وحتى الساعة.

أحدث فصول التجسس الإسرائيلي تلك التي أماطت عنها اللثام الأيام القليلة المنصرمة صحيفة الوول ستريت جورنال، والمتصلة بالتنصت الإسرائيلي على المفاوضات التي دارت في سويسرا بين الأمريكيين والإيرانيين حول برنامج إيران النووي .

عدة اسئلة تجابهنا في هذا  الاطار :" هل هذه أول مرة تتجسس فيها تل أبيب على واشنطن" ؟

 بالقطع لا ، فهناك سلسلة طويلة من عمليات التجسس الإسرائيلية، ربما أخطرها ما يتصل بالجاسوس بولارد، محلل المعلومات في البحرية الأمريكية والذي لم يجرؤ أي رئيس أمريكي حتى الساعة على الإفراج عنه رغم ما يقارب من ثلاثين عاما في السجن.

وهناك عدة حالات مثيرة تم التكتم عليها في أثناء ولاية بوش الابن، كان التجسس الإسرائيلي فيها  واضحا وضوح الشمس في ضحاها، غير أن الحضور الطاغي للوبي المساند لدولة إسرائيل في تلك الفترة استطاع التغطية عليها.

سؤال تقني كما يقال:" من المنوط بالتجسس على الولايات المتحدة الامريكية من قبل إسرائيل؟

الجواب الذي يتبادر إلى الذهن سريعا بالطبع هو " جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي" " لي موساد هات يوم "، غير أن الواقع أعمق وأخطر من ذلك .. كيف ؟

في كتابه  المعنون " عن طريق الخداع " يخبرنا ضابط الموساد الذي انشق على جهازه ولجأ الى كندا " فيكتور اوستروفسكي " أن هناك وحدة خاصة  تسمة " العال" هي المنوطة بهذا الشان وأن حركتها تابعة لرئيس الوزراء بشكل مباشر، وهي التي كانت وراء تجنيد بولارد، ولا ترتبط بالموساد بشكل مباشر.

والشاهد أن الحديث عن أعمال التجسس الإسرائيلي على  الأمريكيين تطرح سؤالا جوهريا، كيف لحلفاء بهذا الشكل أن يباشروا التجسس على بعضهم بعضا ؟ لا سيما وأن الإسرائيليين يعرفون بدورهم أن الأمريكيين يباشرون تجسس خفي وظاهر عليهم برا وبحرا وجوا ؟

هنا تبرز الحاجة إلى تحليل ديني عقائدي يتصل بشكل وثيق مع فكرة نشاة إسرائيل، فقد دعم اليمينيون المحافظون من الأمريكيين، لا سيما التيار الإنجيلي المسيحي فكرة قيام دولة إسرائيل، ليس حبا في اليهود، وإنما تعجيلا بالوصول إلى  قيام الساعة وعودة السيد المسيح من جديد، ونهاية الازمنة، وعلى هذا تبقى إسرائيل بالنسبة للمتدينين الأمريكيين وغلاتهم في المقدمة، هدف تكتيكي ينبغي دعمه قبل أن تكون هدفا استراتيجيا لذاتها.

 عطفا على ذلك فإن موقعها جنوب شرق الاتحاد السوفيتي في زمن الحرب الباردة ، ووجودها في قلب العالم الإسلامي لاحقا  أكسبها أهمية خاصة لدى الغرب عامة وواشنطن خاصة.

 هل يدرك الإسرائيليون تلك الرؤية وهذا المفهوم ؟

 قطعا منذ زمن بعيد يعود إلى مولد الدولة  الإسرائيلية وربما قبلها، هم يفعلون، ولذلك فإن حيازتهم للسلاح النووي منذ أواسط خمسينات القرن المنصرم وأوائل الستينات لم يكن الغرض منها مواجهة العرب، فهم يعرفون أنه من خلال الأسلحة التقليدية يقدرون على مواجهة العرب، أما أوروبا وأمريكا فإن أسلحة إسرائيل النووية هي الحماية لها من أي محاولة للوي ذراعها، ومن ثم الدفاع عن مصالحها بصورة منفردة.

يرى الإسرائيليون أن إدارة أوباما هي من سربت  أنباء التجسس الأخير لصحيفة الوول ستريت جورنال، وقد يكون هذا صحيح بدرجة كبيرة وبمثابة رسالة  لنتانياهو الذي استخدم بعض من تلك المعلومات في تعاطيه مع رجالات الكونجرس خلال خطابه الأخير، وكان تلك الإدارة تحذره من تماديه في السعي لإفشال الصفقة النووية القادمة.

 سوف تزيد هذه القصة من تعقيدات المشهد بين نتانياهو وأوباما، غير أن السؤال الذي يحتاج الى قراءة أخرى هل بدات أمريكا بالفعل مرحلة الضجر والسأم من حليف يتجسس عليهم و يضر حضورهم الدولي وعلاقاتهم الخارجية كما أشار من قبل البروفيسوران " ستيفن والت ، وجون ميرشايمرز " ، في دراستهما التاريخية عن اللوبي الإسرائيلي؟

 إلى اللقاء في قراءة قادمة باذن الله .

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com