ابنة آخر المونيكان اليهود المصريين
ابنة آخر المونيكان اليهود المصريينابنة آخر المونيكان اليهود المصريين

ابنة آخر المونيكان اليهود المصريين

نهار الثلاثاء الماضي ودعت مصر واحدة من بناتها بالمواطنة وان اختلفت في الديانة .. ودعت مصر المحامية والمهندسة نادية شحاته هارون ابنة المناضل المصري الكبير المحامي شحاته هارون الذي لم تقف ديانته أمام ولائه لمصر وطنا وبلدا لم يعرف غيره ورفض أن يغادره إلى إسرائيل أو أي مكان أخر حول العالم.

نادية هارون هي أخت ماجدة هارون رئيسة الطائفة اليهودية المصرية والتي لا يتجاوز عددها اليوم بضع عشرات ، وقد كانت قبل ثورة يوليو 1952 تقدر بعشرات الألوف عاشوا أفضل وأزهى عصورهم في مصر من زمن موسى بين ميمون وحتى ستينات القرن الماضي .

الحديث عن الابنة الراحلة لا يستقيم دون الحديث عن والدها المناضل المصري الكبير شحاته هارون الذي وصفه الراحل الكبير الأديب والمفكر المصري محمود أمين العالم بأنه "رجل من ذهب".

في سنوات شبابه كان شحاته هارون مكافحا ضد الصهيونية ووصف دولة إسرائيل بأنها خرافة وبأنها ضد التاريخ وقوانين الطبيعة ، وقد رفض الهجرة إليها، ولاحقا أسس مع رفاق مصريين مسيحيين ومسلمين حزب التجمع اليساري المصري .

مثير جدا شان هذا الرجل الذي وقف في وجه اتفاقية كامب ديفيد ووصفها بأنها " اتفاقية سلام أمريكية بشروط الصهيونية الحاكمة في إسرائيل "، وأنها قد أغفلت المطالب العادلة لمصر وسوريا في زوال الاحتلال من أراضيهما .

نفس المشهد الذي جرى في مارس 2001 تكرر في مارس 2014 عل ارض مصر ، فعندما مات شحاته هارون رفضت ابنته الكبرى ماجدة استقدام حاخام من إسرائيل للصلاة على جثمان أبيها ، واستقدمت حاخام من فرنسا ، وهذا ما فعلته غداة وفاة أختها نادية التي أصابتها أزمة قلبية مفاجئة، وكأنهم لا يريدون ودا أو جسرا مع إسرائيل حتى لو اتصل بديانتهم كيهود .

يوم وفاة شحاته هارون اختارت ابنته ماجدة عبارات نعيه من كتابه المعنون " يهودي في القاهرة " وفيها يقول .... لكل إنسان أكثر من هوية .. أنا إنسان مصري حين يضطهد المصريون ... اسود حين يضطهد السود .. يهودي حين يضطهد اليهود .. فلسطيني حين يضطهد الفلسطينيون... .

يفتح رحيل نادية هارون ملف معاداة السامية من جديد فهل كان المصريون أعداء للسامية في لحظة ما ؟

لعل السينما المصرية وأفلامها القديمة خير شاهد على الحضور اليهودي في مصر بأريحية تامة دون قيود أو حدود ، دون عزل أو إقصاء ...

لم تعرف مصر أل " جيتو " الذي عرفه اليهود في أوربا والذي تجلى في " تاجر البندقية " وشخصية " شيلوك " وكراهية المسيحيين الأوربيين لليهود .

كانت إسرائيل ولا تزال حجر العثرة وبمؤامراتها تسببت في ترحيل أو رحيل غالبية اليهود المصريين وهي التي زرعت العنصرية في المنطقة وشوهت مسيرة إنسانية عاش فيها اليهود بمواطنة كاملة في العالم العربي لا في مصر فقط .

في جنازة أختها الأصغر وفي لحظات الوداع الدامية طالبت ماجدة هارون الشعب المصري بان يحمي ارثه وحضارته ، والذي يمثل اليهود والديانة اليهودية نسيجا رئيسيا من أنسجته وان يستوعب الشعب المصري جميع طوائفه بمحبة دون إقصاء لأحد وعلقت باكية " لماذا وصلنا إلى هذا المستوى ؟".

رحيل نادية هارون يعيد التذكير بان الموقف العربي منذ 1948 وحتى الساعة لم ولن يكون صراعا بين مسلمين ومسيحيين من جانب ويهود من جانب أخر ، وإنما كان ويجب أن يظل صراعا حول الحقوق والمصالح الوطنية والقومية .

شاهد قبر شحاته هارون مكتوب عليه " آخر المونيكان " في إشارة إلى قبيلة " المونيكان " من الهنود الحمر التي صمدت حتى أخر رجل فيها في مواجهة إبادة الرجل الأبيض...

برحيل نادية هارون .. ترحل ابنة رجل من ذهب .. آخر المونيكان اليهود المصريين

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com