بعد تصريحات كيري: ماذا ستقولون لأبنائكم؟
بعد تصريحات كيري: ماذا ستقولون لأبنائكم؟بعد تصريحات كيري: ماذا ستقولون لأبنائكم؟

بعد تصريحات كيري: ماذا ستقولون لأبنائكم؟

يوسف ضمرة

 من السفير السابق في دمشق"روبرت فورد" إلى مدير المخابرات الأمريكية، إلى جون كيري نفسه؛ الحديث أصبح واضحا، ولم تعد ثمة شكوك في زلات لسان من أحد" لا بد من التفاوض مع بشار الأسد".

 بعض الكتاب والمحللين السياسيين، أخذوا على الفور يبحثون عن تبريرات لهذا الخطاب، وهذه النغمة الجديدة. والحقيقة أنها ليست جديدة تماما إلا لمن كان يفكر في سياق رغائبي لا في سياق عقلي ومنطقي.

بعضهم يعتقدون أن الأسد خدع العالم حين "اخترع داعش"؛ يا له من ذكي فيما لو صح ذلك! ولا يُخفى أن مثل هذا الكلام هو للتخفيف من وطأة القرار الأمريكي المعلن على من انتفعوا من الأزمة السورية، وشيدوا المنازل من جمامجم المدنيين والعسكريين السوريين الفقراء.

بعضهم اعترف الآن بنظرية المؤامرة، ولكن بشكل معكوس، أي إن أمريكا تآمرت على الشعب السوري وثورته؛ أخيرا تبين لهم أن نظرية المؤامرة موجودة، وهي التي كانوا يسخرون منها، ويتهمون الكثيرين بالغباء حين يتحدثون عن مؤامرة ضد سوريا والعالم العربي.

أحدهم، ممن كانوا يستيقظون ليدعوا الله فجرا لإسقاط النظام السوري، يكتب مقال الغد بعنوان"لا أحد يريد انهيار سوريا"..

من المؤسف أن يكون المجتمع الصحافي والإعلامي العربي على هذه الدرجة من السذاجة، واستغفال العقول، والمراهنة على "زهايمر" جمعي في العالم العربي. ومن المخجل والمعيب أن ينظر مثل هذا الصحافي في المرآة، ولا يندهش من قناعه الجديد الذي فوجئ به.

نحترم أي رأي مختلف، قائم على رؤية سياسية وثقافية واجتماعية، ولا نجد أي حرج في التعامل معه. لكننا قطعا لا نحترم أي موقف صادر عن رؤية تُعلي من قيمة المصلحة الفردية على حساب العقل والمنطق والسياسة والثقافة، وأولا وقبل كل شيء، حياة البشر. فالناس ليسوا أرقاما إلا عند الكيان الصهيوني فيما يتعلق بمعاملته للفلسطينيين. وهو كيان عنصري باعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ألغت قرارها بعد اتفاقيات أوسلو ووادي عربة.

لن نناقش الموقف الأمريكي، فهو موقف منسجم مع المأزق الأمريكي منذ بداية الأزمة السورية؛ فلا بدائل حقيقية قادرة على الحفاظ على وحدة سوريا، وقادرة على ضبط المن ومنع الفوضى كالنظام الراهن ومؤسسته العسكرية؛ وهو نظام لم يكن قادرا على شن هجوم على الكيان الصهيوني بسبب انعدام التوازن العسكري بينه وبين الكيان، لكنه كان يجد أكثر من وسيلة لمساعدة المناضلين والمقاومين، إن بالتدريب أو التسليح.

وسواء صدقنا ذلك أم لم نصدق، ففي نهاية المطاف، علينا أن نقر بأن مطالبة النظام السوري بإصلاحات سياسية وإدارية وأمنية، أصبحت أمرا حيويا، وإن كنا نعتقد أن النظام بعد الأزمة لن يكون كما كان قبلها. فقد تغيرت تفاصيل وأسس. واكتشف النظام نفسه الكثير من الاختلالات في بنيته، والتي سهّلت اهتزاز سوريا الدولة، وشاركت الأعداء ـ بغباء  وأنانية ـ في جعل سوريا مضطرة للعودة إلى الوراء وقتا ليس قصيرا.

أخيرا أسأل بعض هؤلاء الإعلاميين والصحافيين: ماذا ستقولون غدا لأبنائكم؟ هل ستقولون: أيدنا قتل ربع مليون سوري لنبني منزلنا؟ أم : كتبنا شعرا في تدمير سوريا للحصول على جنسية أمريكية أو فرنسية؟

أيا تكن الإجابات، فهي لن تخرج من دائرة التبعية واحتقار الذات.. للأسف!

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com