جدي أبو اسماعيل
جدي أبو اسماعيلجدي أبو اسماعيل

جدي أبو اسماعيل

جدي أبو اسماعيل...

لم يكن جدي فعلاً.. لكنه كان جد كل الحارة...

ظللنا نجلس إليه يحدثنا عن يافا... بياراتها... حاراتها... مقاهيها... مينائها وحتى مسجدها...

كان في يافا ما لا عين رأت ولا إذن سمعت، كان الحديث عنها آنذاك كالحديث الآن عن فيينا أو جنيف أو نيويورك.

وفي يوم سمعنا أبو اسماعيل يصرخ من غرفته...

ورغم التحذيرات من التحرك إذ كنا نعيش حرباً إلا أنني وصديقي محمد التقينا في الشارع دون موعد ودخلنا بيت الجد...

وجدناه في أقصى الغرفة وقد احتضن المذياع أو يكاد... ليقف فجأة ملوحاً بمنديله وهو يرقص ويقول "حيهم النشامى... رجعت البلاد ورجعوا أهلها"...

على الطرف الآخر كان أحمد سعيد يصدح عبر صوت العرب يهنئنا بالانتصار... يحكي لنا عن معارك طاحنة.. وعن طائرات تسقط بالجملة.. وعن جنود إسرائيليين يفرون أمام جحافلنا الهائلة.. وأمام فكر قادتنا العسكري المتقد...

بتنا على انتصار... وما هي إلا أيام حتى صحونا على الهزيمة...

وفجأة اختفى صوت أحمد سعيد وعلت أصوات أقدام الفارين من النازحين...

كنا نتخيل يافا فصرنا نتخيل كل فلسطين...

كنا نحلم بالنصر... وصرنا نتعلم كيف نتجرع كأس الهزيمة...

وبعد أن استجمعنا قوانا ذهبنا لنعزي الجد أبو اسماعيل...

لاقتنا زوجة ابنه الباكية، وقالت لا تدخلوا ليس هناك من أحد في غرفة "الختيار"...

لم نكد نسأل... اكتفت فاطمة بنظراتنا.. وقالت "لم أواعيه وهجّ.. ما حدا بعرف لوين".

ومنذ ذلك اليوم لم نسمع عن أبو اسماعيل... كما لم نسمع عن انتصاراتنا إلا الزائف منها.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com