اختلاف الآراء أفضل
اختلاف الآراء أفضلاختلاف الآراء أفضل

اختلاف الآراء أفضل

جهاد الخازن

انتقدت في قطر شيئاً واحداً هو رعاية الإخوان المسلمين وجماعات أصولية أراها إرهابية. هذا رأيي وقد سجلته وأتحمل مسؤوليته، وأزيد اليوم أن ليس عندي أي خلاف مع أي مسؤول أو مواطن في قطر، بل عندي أصدقاء كثيرون وصديقات من خيرة الناس.

أكتب هذا بعد أن تلقيت رسائل كثيرة تؤيد ما ذهبت إليه، وبعضها يزيد أو يبالغ. بل أنني وجدت نفسي في برنامج تلفزيوني والمذيع يحمل على قطر ويعتقد أنني سأشترك معه في حملته.

مرة أخرى، أعتقد أنه يجب على قطر فصل سياستها عن الجماعات المتطرفة في كل بلد عربي، فهي لا تحتاج إلى مثل هؤلاء الناس، ودعمهم بالمال أو احتضان قيادات لهم في قطر سيجعل قطر تخسر أي علاقة طيبة مع دول خرج منها المتطرفون والإرهابيون.

الإخوان المسلمون انتظروا 80 سنة ليصلوا إلى الحكم في مصر وثار عليهم الناس في سنة واحدة وسقطوا، وأعتقد أنهم لن يعودوا إلى الحكم الآن أو بعد 80 سنة.

أنصار الإخوان المسلمين بـين أسـوأ أنواع المتطرفين، والرسالة من "إخونجي" تبدأ عادة بإنكار أن كاتـبـها من الإخوان، وتكمل برفض اتهامهم بالتحريض أو الإرهاب، مع أن هناك قتلى وتخريباً كل يوم، ثم تنتقل إلى تفسير مقالي على أن سـببه علاقتـي بـهذا البـلد أو ذاك مـن "أولـياء نعمتي"، وتنـتهي عادة بـمـحاضـرة ديـنـية وتـحـذيـري من العـقـاب.

لم أتلقَ بعد رسالة واحدة من أنصار الإخوان تسجل ما قلت أيام حسني مبارك وما أقول اليوم، وهو إن لـلإخوان المسلمين شعبية كبيرة في مصر، ويجب أن يكونوا جزءاً من النظام الديموقراطي الموعود. وقد بلغ اهتمامي بهذه النقطة أنني أثرتها مع الأخ عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين التي كتبت الدستور، فعرض عليّ المواد ذات العلاقة، وأكد لي أن الدستور الجديد لا يستثني أحداً، بعكس دستور 2012.

أقول لأنصار الإخوان إنهم يقدمون الولاء للجماعة على الولاء للوطن، وأزيد شيئاً يفهمونه فقراءة نصف الكلام وإهمال نصفه الآخر هو من نوع "فوَيل للمصلين..." أو "لا تقربوا الصلاة...".

أفضل مما سبق تجاوب القراء معي في حملتي على الإرهابي آرييل شارون وكل مَنْ إمتدحه بشيء بعد موته. كثيرون من هؤلاء القراء يخشون أن تُلهي الثورات الأمة عن القضية الأصلية فتضيع مع وجود حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل تعمل لتدمير عملية السلام.

القارئ سالم أو سليم عبد أو عابد (الرسالة كانت بالإنكليزية) حذرني من أن أتَّهَم باللاسميّة لعنفي في مهاجمة إسرائيل. لا أدعي أنني أفهم أكثر من غيري ولكن أقول إنني تدربت شاباً مع رويترز في لندن، وأعرف حدود القانون، فأنا أهاجم فقط الحكومة الإسرائيلية أو جيش الاحتلال، وهذا حق لي، ولكن لا أهاجم اليهود أو إسرائيل لأن هذا يصبح عنصرية أو لاساميّة تحاسبني عليها المحاكم.

ربما يشرح الخلاف في الرأي بيت شعر لأبي العلاء المعري الذي أغنته عين البصيرة عن البصر. هو قال:

ويعتري النفس إنكار ومعرفة / وكل معنى له نفي وإثبات

وأقول إنني أختلف مع القارئ أحياناً لأن رأيي غير رأيه، وكل وضع فيه أكثر من وجه، لا أكثر ولا أقل.

ربما لا يصدق القارىء أنني أفضل الرأي الآخر على رأيي، فعندما أتفق مع قارئ في موقف تنتفي أسباب الجدل والنقاش، ولكن إذا اختلفت معه نستطيع أن نبدأ حواراً ليقنع أحدنا الآخر بحجته. وأختتم بشيء طريف من التراث فالأمير سأل أشعب: أيهما ألذ الفالوذج أو اللوزينج؟ فقال: لا أقضي بين غائبين. وأحضروا له الصنفين وأخذ يأكل من أحدهما ثم الآخر. وسأله الأمير عن قراره فقال: أصلح الله الأمير. ما رأيت خصمين أشد جدلاً. كلما أردت أن أحكم لأحدهما يأتي الآخر بحجته.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com