في مواجهة داعش أم الناتو؟
في مواجهة داعش أم الناتو؟في مواجهة داعش أم الناتو؟

في مواجهة داعش أم الناتو؟

يوسف ضمرة

تشكيل حلف عسكري بقيادة روسية في مواجهة داعش والإرهاب، ينطوي على ما هو أبعد، كما نظن. فروسيا تراقب التحركات الأمريكية الأخيرة، وتترقب نتائج عمل التحالف الأمريكي العربي ضد داعش، وتكتشف أن هذا التنظيم لم يتأثر ـ أقلّه حتى اللحظة ـ . بل يمكن القول إنه يحقق نجاحات جديدة في مناطق مختلفة، وإن بدا أن الإعلام يؤكد يوميا استهداف التنظيم في سوريا والعراق، ويكثر من الحديث عن استعدادات القوات العراقية والعشائر والبشمركة وبعض الميليشيات للتصدي له.



الحلف العسكري عموده الفقري هي روسيا، ولكنه نجح في ضم دول في وسط آسيا وعلى حدود روسيا. وهي خطوة يمكن اعتبارها استباقية في مواجهة احتمالات تمدد التنظيم نحو بعض هذه الدول.

أمريكا التي تلاعبت بأسعار النفط والغاز، وتسببت في انتكاسة للاقتصاد الروسي، سرعان ما فوجئت بالدعم الروسي المالي الكبير لسوريا. وهي رسالة واضحة مفادها أن الروس لن يتخلوا عن سوريا ونظامها حتى في أحلك الأوقات.


أما الرسالة الثانية، فمفادها أن روسيا لن تسمح لأحد بتوفير مناخ ملائم للإرهابيين على حدودها، وهو ما يعنيه وجود دول مثل طاجاكستان وقرقيزستان في التحالف العسكري الجديد.


بالعودة قليلا إلى الوراء، سنرى أن أمريكا جربت أكثر من وسيلة للحد من صعود روسيا. فكانت الثورات الملونة في جورجيا وأوكرانيا. ثم هجوم جورجيا على أبخازيا وأوسيتيا الروسية، وأخيرا دعم اليمين الفاشي في أوكرانيا ضد موسكو. وكانت العواقب وخيمة على حلفاء أمريكا، فاجتاحت الدبابات الروسية أبخازيا وأوسيتيا، وخسرت أوكرانيا شبه جزيرة القرم، وهي على وشك خسارة أقاليم جديدة في الشرق.
ولكن أمريكا لم تتعظ ولم تتوقف، وربما لن تتوقف عن هذه الأساليب في المدى المنظور، خصوصا أن معركة الرئاسة الأمريكية بين الجمهوريين والديمقراطيين قد اقتربت. وهي ستكون من أشد المعارك الرئاسية، إذا ما أخذنا في الاعتبار سيطرة الجمهوريين على الكونجرس؛ السيطرة التي لا تجعلنا نستبعد انعطافة ديمقراطية نحو التشدد حيال موسكو، وبالتالي حيال الأزمة السورية.


هذا كله تأخذه موسكو في حساباتها، وعليه فهي تتهيأ للأسوأ في قادم لأيام. ويأتي في طليعة هذا الأسوأ، ما تتناقله الأنباء عن تحركات داعش نحو لبنان، والحشود المتواصلة على حدوده الشرقية، سعيا للوصول إلى مياه المتوسط، الأمر الذي يشكل تهديدا حقيقيا وجادا للوجود الروسي هناك. إضافة إلى الحديث عن تمدد داعش نحو أفغانستان في مرحلة لاحقة، ومن ثم الإقرار بالأمر الواقع، الذي يعني سيطرة الدولة الإسلامية على مناطق السنة في العراق وشرق سوريا، وصولا إلى جنوبها.


يأتي هذا كله وسط تفاؤل حذر في موسكو ودمشق وطهران، يرتبط بفرصة انعقاد مؤتمر موسكو1. وهو تفاؤل له ما يبرره بالطبع، فمن يسمون بالمعتدلين على الأرض في سوريا، لا يكادون يلتقطون أنفاسهم، حيث تختطف النصرة"قاعدة سوريا" وداعش، أغلبية المناطق السورية التي فقدتها الدولة، ولا يبدو أن الأفق مفتوح على احتمالات نهوض القوى"المعتدلة"، بالرغم من الحديث المتراكم يوميا عن وعود أمريكية وغربية وعربية بدعم المعتدلين في المعارضة السورية. فكثير من هؤلاء اليوم ليسوا مرتاحين للتطورات التي تشهدها سوريا، وليسوا مطمئنين لمستقبلهم أنفسهم في ظل سيطرة التكفيريين الذين هم على استعداد لمحاربة كل من لا يقف في صفوفهم، وهو ما فعلوه مع النصرة، الجماعة الأقرب عقائديا إليهم.


ولا يخفى على أحد، أن أمريكا والغرب عموما والسعودية تحديدا، لا ترغب في إنجاح مؤتمر موسكو. ولهذا تكبدت السعودية خسارات كبيرة، لأجل التسبب في خسارة روسيا.


سوف تنتهي الحرب آجلا أو عاجلا. ولكن أمريكا لن تتركها تنتهي من دون تحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية والاقتصادية والاستراتيجية. فهي قادرة على تضييق الخناق على إيران، وهو مطلب إسرائيلي/ أمريكي مشترك. وقادرة على ضمان الهدوء شمال فلسطين المحتلة، بضمانات روسية وإيرانية. وربما تكون قادرة على تحقيق ما هو أكبر، من خلال الحصول على تنازلات أخرى من سوريا وإيران، خصوصا فيما يتعلق بلبنان والعراق.


هل يشكل الحلف العسكري الجديد رادعا لطموحات أمريكا أو وسائلها؟ هذا ما سوف تكشفه الأيام والشهور القليلة القادمة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com