"صندوق العجائب" اللبناني
"صندوق العجائب" اللبناني"صندوق العجائب" اللبناني

"صندوق العجائب" اللبناني

مارلين خليفة

لبنان هو بلد التناقضات المضحكة و"صندوق فرجة" يحوي من الغرائب ما لا يمكن أن تعثر عليه "آليس في بلاد العجائب!".



حتى الموفدين الأجانب الذي يتقاطرون إليه في الآونة الأخيرة يتزّودون بأخبار مثيرة لا شكّ في أنهم يروونها بمتعة حين يعودون الى ديارهم.


في الجولة الأخيرة للموفد الرئاسي الروسي ميخائيل بوغدانوف على بعض القيادات اللبنانية بمناسبة مرور 70 عاما العلاقات الدّبلوماسيّة بين لبنان وروسيّا سمع بوغدانوف كلاما عجيبا غريبا بتناقضه: في زيارته الى البطريرك الماروني بشارة الراعي إكتشف رغبة كنسيّة قوية بإجراء الإنتخابات الرئاسية اللبنانية سريعا، وحاضر البطريرك أمام بوغدانوف عن واجب النواب اللبنانيين حضور جلسات الإنتخاب التي بلغ عددها الـ17 والتي لم تتوصل لغاية اليوم لاختيار الرئيس العتيد.


وبانتقاله الى رئيس "التيار الوطني الحرّ" الجنرال ميشال عون سمع بوغدانف كلاما إتهاميا لفريق 14 آذار بتعطيل الإستحقاق الرئاسي في حين سمع من هؤلاء كلاما يلقي تبعة العرقلة على عون شخصيّا!

وبالإنتقال الى الشأن السوري الذي كان هدف الزيارة الرئيسي لبوغدانوف، طلب رئيس "الهيئة التنفيذيّة" في القوات اللبنانية سمير جعجع من روسيا المساعدة في إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد وإفساح المجال امام حكومة سورية إنتقالية! وبتقدّمه شمالا من معراب الكسروانية الى بنشعي أصغى الموفد الروسي باهتمام الى كلام النائب سليمان فرنجية الذي أسهب في الحديث عن أهمية الرئيس السوري بشار الأسد في مكافحة الإرهاب، ولم ينس زعيم "تيّار المردة" أن يشكر روسيا على دعمها اللامتناهي لـ"نظام بشّار"!!!


أمّا الموفد الفرنسي جان-فرانسوا جيرو الذي ضرب الرّقم القياسي في ذهابه وإيابه الى طهران وهي ستبلغ الخمس زيارات في نهاية السّنة الحاليّة، فإنه لم يحمل معه جديدا بل جاء مستطلعا للمرّة الألف آراء اللبنانيين حول انتخاباتهم الرئاسية بناء على نصيحة طهران!


واللافت أنّ جزءا غير قليل من سياسيي فريق 8 آذار اللبنانيين يعتبرون "الحركة الفرنسية بلا بركة" ويصفونها بأنها جزء من حراك دولي لن يصل الى خاتمة سعيدة في ما يخص الإستحقاق الرئاسي اللبناني، اما العقدة المعلنة من جميع الأطراف فهي: العماد ميشال عون الذي يعصى إقناعه على إيران وحليفها "حزب الله" وعلى فرنسا والفاتيكان والسعودية والولايات المتّحدة الأميركية، حتّى باتت قصّة "عون والرئاسة" مادّة للإستفسار الدبلوماسي الدّولي وكانها أزمة كونية!


وفي صندوق الفرجة اللبناني مشهد ثالث شهدته بيروت هذا الأسبوع مع إطلاق نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إلياسون خطّة الإستجابة للأزمة السورية التي تتوخى جمع أموال للنازحين السوريين في لبنان والذين بلغ عددهم المليون و200 ألف، والمدهش في كلام إلياسون ما اعترف به في جلسة للصحافة اللبنانية من أنه يتعين على الحكومة اللبنانية "استثمار علاقاتها مع المجتمع الدولي وخصوصا مع الدول الخليجية من أجل تمويل هذه الخطة التي من المقدّر لها أن تجمع 2،14 مليار دولار اميركي لمساعدة لبنان في تحمّل تبعات النزوح السوري.


وكأنه لا يكفي لبنان ما يعانيه في مجتمعاته المحلية من مصائب استقبال عدد كبير من النازحين حتى يرغم المسؤولون فيه على طرق ابواب الدول لتسوّل أموال لتمويل المصيبة التي تحمّلها عنهم!

في صندوق الفرجة اللبناني أخبار كثيرة لا مجال لروايتها كلّها دفعة واحدة منها: التمديد للمجلس النيابي مرة ثانية ثمّ تعطيل اللجنة الموعودة لإقرار قانون جديد للإنتخابات النيابية! ولعلّ أكثرها مأساوية تضارب المصالح المحلية والدولية والوساطات المضادّة لبعضها في قضية يجب أن تحظى بإجماع إنساني من الدولة وهي قضية العسكريين المخطوفين لدى "داعش" و"جبهة النصرة" والذين باتت قضيتهم مأساة متنقّلة على طرقات لبنان.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com