الشائعات المُهلكات
الشائعات المُهلكاتالشائعات المُهلكات

الشائعات المُهلكات

شوقي عبد الخالق


في المجتمعات المليئة بالمواهب والمنافسات كالمجتمع المصري، لا يُمكن لأحد أن يفترض خلوه تمامًا من الشائعات أو المواقف الخارجة عن سرب الموضوعية والمهنية، لكن حين يتحول الأمر إلى ظاهرة فإنها تستحق الوقوف أمامها كثيرًا لدراسة الأسباب أحيانًا وقراءة النتائج المترتبة عليها أحيانًا أخرى.


الأمس القريب شائعة وفاة فنان واليوم شائعة انتقال لاعب كرة قدم وغدًا شائعة سياسية ربما يمتد تأثيرها إلى تهديد الأمن القومي، ربما تتعدد الأهداف ما بين صحيفة أو قناة تريد لنفسها «شو إعلامي» وما بين مصدر يطمع في الغرض نفسه، وفي النهاية يعيش المواطن والمتابع حالة من التيه لا يستطيع أن يقتنع بكل ما يُقال – يُكتب، أو يتجاهل ما يعتبره الصحفيون انفرادًا.


في حقيقة الأمر، فإن الصحفيين أنفسهم هم الخاسر الأكبر من تلك الظاهرة الخطيرة، ففضلاً عن مساحة ذهنية صنعوها لدى الجمهور بأن الصحافة «مهنة الخداع» كما سمعتها من البعض، فإن مساحة أكثر خطورة كتبوها بأيديهم وهي إضافة رصيد سلبي في تاريخ المهنة لدرجة لا يستطيع المهني نفسه، فضلاً عن المتابع التفرقة بين الغثِّ والسمين والصحيح والخطأ فتتحول الكلمة من كونها قيمة تُوزن بالذهب إلى مجرد كلمات مرصوصة لسد فراغ وإثارة الرأى العام.


الأمر يزداد خطورة حين يكون المجتمع غير مُهيَّئ في الأساس للتفرقة بين الشائعات والنقل الحقيقي وما نعتبره انفرادً صحفيًا وإعلاميًا، إذ يُعاني المجتمع حالة لا أصفها بـ«الجهل»، ولكنه «غياب وعي» يحول دون التفرقة بين الحقيقة والزيف، بل يتفاقم الأمر يحين يتأثر المجتمع بتلك الشائعات ما يؤدي في النهاية إلى أزمات سياسية أو اقتصادية أو فنية يعود مردودها على المجتمع ككل.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com