لغز الغارات الإسرائيلية الأخيرة
لغز الغارات الإسرائيلية الأخيرةلغز الغارات الإسرائيلية الأخيرة

لغز الغارات الإسرائيلية الأخيرة

يوسف ضمرة

كعادة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، لم تفصح عن الأهداف التي استهدفتها الغارات مؤخرا على مواقع قرب مطار دمشق الدولي، والديماس. وعلى عادة المؤسسة الأمنية السورية أيضا، لم تشر إلى ماهية تلك الأهداف.



هذه اللعبة ـ إن جاز التعبير ـ أصبحت تتكرر بين حين وآخر.

وسائل إعلام إسرائيلية انقسمت في تحديد تلك الأهداف؛ فقال بعضها إنها صواريخ متطورة كانت معدة للنقل إلى حزب الله في لبنان. وقال البعض الآخر إن الهدف كان منظومة الدفاع الجوي السورية الحديثة أس. أس. 300 .


وفي الأحوال كلها، فالثابت هو أن هنالك أهدافا تم قصفها، بغض الطرف إن كانت ذاهبة إلى لبنان أو باقية في سورية.


بعض المحللين السياسيين الإسرائيليين، أشاروا إلى أن العملية تعد أول بيان انتخابي لنتنياهو في بازار الانتخابات الإسرائيلية المبكرة، بعد أن تبين له أن هذه الانتخابات آتية لا محالة، وأن رصيده الشعبي قد تآكل بعض الشيء، وأن عليه ترميم صورته التي اهتزت مؤخرا، فلم يجد سوى قصف دمشق. أما لماذا دمشق؟ فلأنه يحتاج إلى وقت لترتيب حجة أو ذريعة للانتقال إلى غزة، وحشد رأي عام في هذا المسار. أما دمشق، فالأمر لا يحتاج إلى ذرائع، بالنظر إلى ما يحمله الكيان الصهيوني من عداء تاريخي لسورية، بدءا من تدريب أول مقاتل فلسطيني، وليس انتهاء بإسقاط اتفاق الرابع عشر من أيار في لبنان، أو العمل على تراكم ترسانة من الصواريخ في لبنان، ينام الإسرائيليون ويستيقظون على كوابيسها، لما خبروه من فاعليتها من قبل، ولما يعلمونه جيدا من تطور ملموس طرأ عليها.

هل حقا قصفت الطائرات صواريخ معدة للنقل إلى لبنان؟


إذا كانت إسرائيل كما يقول إعلامها في كل مرة، قادرة على كشف هذه الصواريخ قبل نقلها، فمن أين أصبح في حوزة حزب الله ما يزيد عن 100 ألف صاروخ كما يقول الإسرائيليون؟ خصوصا أن حزب الله أطلق آلاف الصواريخ على فلسطين المحتلة في حرب تموز عام 2006 !


أما حكاية الدفاعات الجوية السورية المتطورة، فالكل يعلم أن هذه المنظومة حديثة جدا، وهي لن تصبح جاهزة للعمل إلا على يد خبراء روس، يقومون بتركيبها وتدريب أطقم الصواريخ السورية عليها. ولا نظن أن الروس والسوريين يتركون هذه الصواريخ ملقاة على قارعة الطريق كما تسوق وسائل إعلام المعارضة السورية، التي أكدت لنا سقوط مطار دير الزور بيد داعش ـ مبتهجة ـ بينما كان قتلى داعش بالمئات بعيدا من أسوار المطار.

فما الذي قصفته الطائرات الإسرائيلية إذاً؟

بحسب التسريبات الإعلامية، فإن هنالك منشأة كيماوية تم تدميرها. وبحسب تسريبات أخرى، فإن الإيرانيين استولوا على جزء حيوي من منشأة نووية. ولكن هذه كلها تظل مجرد تسريبات ليس لها ما يسندها من أدلة وآثار. لكن الثابت ـ ومرة أخرى ـ هو أن هنالك ما قامت الطائرات الإسرائيلية بقصفه.


ربما يستغرب البعض قولنا إن هذا القصف كان مجرد شد عصب للقوى التكفيرية ـ النصرة وشقيقاتها ـ في محيط دمشق، وصولا إلى القنيطرة، ومن ثم إلى درعا. فقد تبين في الآونة الأخيرة أن الخناق أخذ يضيق على هذه المجموعات في تلك المناطق، وأن هنالك عملية عسكرية سورية كبيرة وشيكة، ستطال تلك المجموعات، خصوصا أن الشتاء يصب في مصلحة الجيش السوري.


وتشير المعلومات إلى أن العملية العسكرية سوف تتركز على الزبداني وسوق وادي بردى، بالتوازي مع الضغط على منطقة الشيخ مسكين وصولا إلى درعا وبعض التلال الاستراتيجية كالحارة التي احتلتها الجماعات المسلحة قبل أشهر قليلة. وإذا ما صحت هذه المعلومات، فإن التنسيق الذي لم يعد سريا، بين الجيش الإسرائيلي وهذه الجماعات، ربما تطلب خطوة تشد من همم الجماعات المسلحة، وتطمئنها إلى أن الحليف لن يتخلى عنها في المواجهة المقبلة، سواء بالدعم العسكري أو اللوجستي كالعلاج والمواد الغذائية وما قد يلزم من وقود لبعض الآليات، وبعض الذخائر. فالمجندة الإسرائلية التي ذهبت إلى"عين العرب" لم تذهب كهاوية أو سائحة. هل ظل ثمة شك لدى أحد أن مصلحة الكيان الصهيوني تتعين في تدمير سورية؟

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com