الفنانون والسياسة والسيسي
الفنانون والسياسة والسيسيالفنانون والسياسة والسيسي

الفنانون والسياسة والسيسي

محمد الغيطي

السياسي له أكثر من وجه ،ومعظم الساسة ان لم يكن كلهم ممثلون ..وبعض الزعماء والرؤساء حاولوا ان ينافسوا نجوم هوليود ،عندك جورج بوش وفرانسوا ميتران كلاهما عملا بالتمثيل قبل ان يجرفهما بحر السياسة لزعامة بلديهما وكذلك السادات الذى عمل فى المسرح متنكرا أثناء رحلة هروبه أواخر أربعينيات القرن الماضى بعد اتهامه فى مقتل امين عثمان وكانت الراقصة تحية كاريوكا قد أخفته فى منزلها عدة اشهر ثم خرج متنكرا فى ثياب رجل صعيدى وحاول ان يمثل فى المسرح.



وربما يكون سر عشق السادات للفن وراء احتفائه بالفنانين وتكريمهم سنويا فيما عرف بعيد الفن ، وهو العيد الذى ألغاه حسنى مبارك طوال حكمه ثم عاد فى عهد الرئيس المؤقت عدلى منصور العام الماضى وكان حدثا بعد طول غياب.


والادباء والفنانون فى عهد مبارك كانوا يكررون انه يكره الفن لذلك افتقد الخيال والحلم وكان يحكم بطريقة( ليس فى الامكان ابدع مما كان ،)وحسب اعترافه فى حوار مع الاعلامى عماد اديب انه لم يكن يحلم باكثر من وظيفة سفير فى بلاد الانجليز بلد الاكسلانسات حسب تعبيره وعلى عهدة د.مصطفى الفقى الذى عمل سنوات سكرتير الرئيس للمعلومات فان مبارك لم يكن يحب القراءة حتى التقارير المرفوعة له اذا وجدها تز يد عن بضعة أسطر كان يقزفها فى وجوههم .


العكس تماما كان عبد الناصر الذى يعد أكثر الزعماء العرب عشقا للادب والفن والثقافة وحسب مذكرات الدكتور ثروت عكاشه المفكر الموسوعى فان عبد الناصر كان يسأله عن أحدث الاصدارات بخلاف متابعته اليوميه لما ينشر فى صحف العالم وكان هيكل يلازمه فى مناقشة أراء كتاب المقالات فى الغرب ،اما السينما فقد جعل لها ناصر قاعة فى القصر الرئاسى وعندما رفضت الرقابه فى الستينيات من القرن الماضى فيلم (شئ من الخوف) وقال الرقيب ان عتريس الذى أداه بعبقريه محمود مرسى كرمز للاستبداد هو عبد الناصر وأن فؤادة التى قدمتها شاديه فى الفيلم هى مصر التى أرد عتريس الدخول بها غصبا طلب الزعيم الفيلم وشاهده ثم صرح بعرضه قائلا لو أن المصريين صدقوا اننى عتريس فلا يحق لى البقاء رئيسا ليوم واحد.. وعرض الفيلم ونجح نجاحا عظيما .الغريب ان شيئا من هذا حدث فى عهد السادات عندما عرض فايز حلاوة وتحيه كاريوكا مسرحية( يحيا الوفد) وكان فيها نقد لاذع للسادات وارسل مندوبا عنه يشاهدها هو رشاد رشدى ووصى بمنعها وبالفعل توقف العرض.


نفس الشئ تكرر فى عهد مبارك عندما عرض المخرج جلال الشرقاوى مسرحية( دستور يااسيادنا )و قصتها عن مواطن بسيط يرشح نفسه للرئاسة امام الرئيس وفق الدستور ويختاره الشعب ..واحتفى النقاد بالعرض الخاص وكتبت عنها كما كتب غيرى انها نقلة نحو المسرح السياسي المصرى لكن فوجئ الجميع بمنع العرض باسلوب امن الدولة القديم حيث استخرجوا حيلة للمنتج والمخرج تقول ان المسرح يعمل بالمخالفة للقانون لانه تابع لجهة ليس من حقها النشاط المسرحى وتحركت المحافظة لتهدم المسرح وكان لفنانى ومثقفى مصر موقفا نضاليا عظيما عندما اعتصموا مع الشرقاوى بمسرحه فى وجه ديكتاتورية النظام ووقف القضاء مع الشرقاوى لكن المسرحية لم ترجع وقد حكى المخرج والمنتج القدير قصة صراعه مع حكم مبارك بسبب المسرحيه وغيرها من مسرحياته السياسية فى مذكراته التى صدرت عن الهيئةالعامة للكتاب.


فى عهد مرسي شعر الفنانون برعب التضييق ولاول مرة طاردتهم القضايا فى المحاكم باسم دعاوى الحسبة التى طالت عادل امام والهام شاهين وغيرهما .


ولذلك كانت كتيبة الفن والثقافة فى مقدمة ثورة ٣٠ يونيو وكانت الشرارة ضد مرسى من مقر اعتصام وزارة الثقافة ولم ينكر السيسى هذا الدور وحرص على اجتماعة برموز الفنانين والادباء والموسيقين وكتاب السيناريو،ولم تكن اغانى مثل تسلم الايادى وبشرة خير الا ثمرة لهذا الحب الوافر من جموع مبدعى مصر للسيسى ،ومنذ ايام حضرت مبادرة جديدة من فنانى مصر اتفقوا فيها على تدشين حملة للالتفاف حول الجيش والرئيس لنبذ الارهاب وشارك فيها فنانون من كل الاجيال، وستذيعها الفضائيات فى القريب العاجل.


التاريخ القريب يؤكد ان اقتراب الزعيم السياسي من المبدعين والفنانين علامة صحيةللطرفين شريطة ان يكون الاقتراب قائم على الندية والحوار لا التبعية والتزلف او النفاق ..وفى مذكرات ماركيز عن صديقه فيدل كاسترو نموذجا كذلك اندريه مالرو والجنرال شارل ديجول وحواراتهما الثرية بالفكر والحلم للانسانية والشعوب ،فهل نجد فى عالمنا العربى نماذج ناجحة من هذه العلاقة بين السياسى والمبدع ام اننا لم نخرج بعد من معادلة ذهب المعز وسيفه؟

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com