إسرائيل تؤيد الاتفاق النووي مع إيران
إسرائيل تؤيد الاتفاق النووي مع إيرانإسرائيل تؤيد الاتفاق النووي مع إيران

إسرائيل تؤيد الاتفاق النووي مع إيران

يبدو أن الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية قد أصبح على مد النظر، وسواء أبرم الاتفاق في 24 الجاري أو تأجل فمن الواضح أن الاتفاق ينضج على نار هادئة، مؤذنا بحقبة جديدة في العلاقات بين طهران والغرب وبين طهران ومحيطها الإقليمي.



لكن رغم مظاهر التفاؤل التي أحاطت المحادثات التي جرت في مسقط، الأسبوع الفائت، والترقب لما ستسفر عنه جولة المفاوضات المقبلة في فيينا، فإن أحدا لا يستطيع أن يقدم ضمانات بأننا نقطع الكيلومتر الأخير في هذه المفاوضات الماراثونية، والمستمرة بين شد وجذب منذ سنوات.

المفاوضات مع إيران تحولت من خطر محدود، إلى قضية دولية تتابعها أطراف قريبة وبعيدة، لا بسبب محاوله طهران عسكرة برنامجها النووي فحسب، بل لاستخدام هذا البرنامج كورقة مناورة سياسية تتيح لإيران فتح قنوات الاتصال المقطوعة مع الغرب، والتحرر من مصيدة العقوبات الاقتصادية التي تعيشها منذ سقوط الشاه ونجاح الثورة الإسلامية في العام 1979، وصولا إلى الاعتراف لها بدور إقليمي يتناسب وطموحاتها التاريخية ووزنها وموقعها الجغرافي.

إيران تتعامل مع برنامجها النووي، لا كقضية وطنية فقط، بل كورقة ضغط في بعض القضايا الإقليمية التي تشكل نطاقا أمنيا لدورها في المنطقة، خاصة بعد نجاح طهران في الدخول إلى صلب العديد من المعادلات السياسية الإقليمية، وبعد أن أصبحت رقما صعبا أو رقما لا يمكن تجاهله في حلحلة تلك المعادلات.

ويبدو أن إيران تحقق نجاحا على الصعيدين، فالعزلة التي كانت طهران تعيشها منذ وصول آيات الله للسلطة، أخذت تنحسر، والعلاقات الدبلوماسية التي كانت مقطوعة مع بعض العواصم الغربية بدأت تعود على وقع التفاوض النووي، كما أن بعض الدول الغربية بدأت تستعيد شهية المشاركة مع إيران، خاصة بعد جولة المفاوضات التي رفع بعدها التجميد عن بعض الأموال الإيرانية المودعة بالخارج، والوعود برفع مزيد من العقوبات في حال الوصول إلى اتفاق.

أما على صعيد القضايا الإقليمية، فإن الأولوية التي أعطتها الدول الغربية للملف النووي، ساهم في تمدد إيران في بعض دول الإقليم والذي واكبه تراجع واضح في مستوى إهتمام تلك الدول بالقضايا الإقليمية وتركيز متزايد على البرنامج النووي باعتباره مصدر التهديد الأساسي وربما الوحيد، وعنصر المواجهة الأبرز.

أكثر من ذلك فإن جولات المفاوضات النووية أصبحت غطاء لمراسلات ومباحثات سياسية بشأن القضايا الإقليمية الخلافية، وأصبح موقف إيران في قضايا الإقليم مرآة لمواقفها في المباحثات النووية، والعكس صحيح. فربطت طهران بعض المسائل الجوهرية في علاقاتها بجيرانها بمدى التقدم في المباحثات النووية، جاعلة من أي اتفاق نووي مقدمة لكل اتفاق إقليمي.

وقد استغلت إسرائيل هذا التناغم بين الاهتمام العربي بالمفاوضات النووية، وبين الخطاب الدبلوماسي والإعلامي الذي قادته تل ابيب لمناهضة البرنامج الإيراني والتشكيك بأهدافه، والتحذير من مخاطره، للإيحاء بأنها تخوض معركة مشتركة مع العرب ضد إيران، وأنهما يتقاسمان المواجهة مع عدو واحد، بشكل كاد يصرف الاهتمام عن قضية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وعن الممارسات التي تقوم بها لتكريس احتلالها للأرض وزيادة ضغوطها على الفلسطينين، ليتحول ذلك الاهتمام لما تقوم به إيران.

بالمنطق السياسي، فإن إيران استخدمت البرنامج النووي كورقة مساومة وورقة ضغط حسنت بها مواقفها التفاوضية في القضايا الإقليمية بعد أن بات التفاوض على البرنامج النووي هو بارومتر العلاقة الغربية مع إيران، وبيضة القبان فيها.
وإسرائيل من جانبها استخدمت المفاوضات والمساومات التي تدور حول ذلك البرنامج، من أجل تصعيد حمله دبلوماسية وإعلامية عاتية، جعلت قضية احتلالها للأراضي الفلسطينية قضية هامشية من الدرجة الثانية، وخلقت رأيا عاما مؤداه أن الخطر النووي الإيراني هو ما يتعين على العالم الاهتمام به والانتباه له.
وبالرغم من التناقض الظاهر في أهداف تل ابيب وطهران فإنهما نجحا في دفع المخاطر الأمنية والهواجس السياسية لدول المنطقة إلى دائرة يتحكمان وحدهما فيها، ويشكلان من خلالها خريطة جديدة للصراع في المنطقة.

فالثمن الذي ستدفعه إيران مقابل الوصول إلى اتفاق نووي، سيجعل من هذا الاتفاق حصان طروادة يحملها إلى كافة الدروب في المنطقة ويكون جواز سفرها الذي يمنع أي قوى خارجية من الاعتراض على طموحاتها الإقليمية.
وهذه الطموحات الإقليمية هي في الوقت نفسه الثمن الذي ستحصل عليه إسرائيل، فبخلاف أن الاتفاق يحجم طموحات إيران النووية فإنه سيدخل طهران بشكل أكبر لعمق المشكلات الإقليمية وهو ما سيتيح لتل ابيب فرصة دائمة لإذكاء الصراعات والخلافات الإقليمية واللعب على وترها دون أن تتورط مباشرة فيها ودون أن تدفع ثمنا مقابلها.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com