ماذا تحمل الانتخابات البرلمانية اللبنانية المقبلة؟
ماذا تحمل الانتخابات البرلمانية اللبنانية المقبلة؟ماذا تحمل الانتخابات البرلمانية اللبنانية المقبلة؟

ماذا تحمل الانتخابات البرلمانية اللبنانية المقبلة؟

للمرة الأولى منذ سنوات، تشهد الانتخابات التشريعية اللبنانية انعتاقًا - نسبيًا - من تأثير القوى الخارجية على المرشحين، وانقسامًا حادًا داخل المكونات الطائفية المختلفة، فيما تسيطر القضايا الحياتية اليومية على برامج المرشحين في الحملات الانتخابية، متقدمة على المواقف السياسية، التي ظلت في الدورات السابقة، عناوين رئيسة للمرشحين.

اللافت في هذه الانتخابات، الخلط الواسع للأوراق في اللوائح الانتخابية بحيث بات من الصعب تمييز الحلفاء من المتخاصمين، أو أصدقاء الأمس من أعداء اليوم .

فقوى 14 آذار التي كانت تشكل قاطرة الحياة السياسية اللبنانية منذ مقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري ورحيل القوات السورية عن لبنان، لم يعد لها وجود سياسي بالمعنى الفعلي، بعد أن تفتت رموزها وتوزعت بين لوائح متنافسة.

 بل إن المكون الرئيس في قوى 14 آذار ونعني به تيار المستقبل تشرذم، بسبب خلافات شخصية، وتحول  إلى قوى متنافسة لم يكن أحد يتوقع الصدام والخلاف بينها. فها هو اللواء أشرف ريفي  رئيس جهاز الأمن السابق ووزير العدل في حكومة سعد الحريري، - قبل اختيار ميشال عون رئيسًا للبنان-، يشق عصا الطاعة على قيادته التاريخية، وينسلخ عن تيار المستقبل مكونًا لائحة منافسة للتيار الأزرق  في الشمال.

وها هو الرئيس نجيب ميقاتي رئيس الوزراء الأسبق، الذي ظل رغم البرود الذي شاب علاقته بالرئيس سعد الحريري في مرحلة من المراحل، يكرس خروجه عن سرب 14 آذار بالإعلان عن لائحة انتخابية مستقلة لا تنافس على النيابة فقط ، بل من أجل  الوصول إلى تكوين كتلة برلمانية تشكل أغلبية عددية في المجلس المقبل، حتى تكون من بين القوى المؤهلة  للسباق على رئاسة الحكومة.

وإذا خرجنا من الدائرة السنية إلى الدائرة الأوسع لمكونات قوى 14 آذار، سنجد أن التيار الوطني الحر الذي أسسه الرئيس ميشال عون قبل أن تؤول رئاسة الحزب لصهره جبران باسيل،  يخترق التحالف الذي كان قائمًا بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية وحزب الكتائب، ليصبح التحالف بين تياري المستقبل والوطني الحر من العلامات الرئيسة في السباق الانتخابي.

في المقابل فإن التحالف الإستراتيجي الذي قام بين حزب الله والتيار الوطني الحر، والذي مهد الطريق أمام الرئيس ميشال عون للوصول إلى سدة الرئاسة في بعبدا، يتعرض لضغوط حاليًا، تهدد بانفراطه بعد انفتاح التيار العوني على تيار المستقبل،  فضلًا عن أن الغزل بين العونيين والقوات اللبنانية العدو الرئيس لحزب الله، بات علامة مميزة للسباق الانتخابي.

وكردة فعل على لعبة الكراسي الموسيقية التي تشهدها الحملات الانتخابية، وعملية تشكيل اللوائح، تأتي من خارج هذا السياق التقليدي للانتخابات، الحركة الشبابية المعروفة بحزب 7،  التي خرجت من رحم حركة المجتمع المدني الذي انتفض إبان أزمة النفايات وما تلاها من أزمات وما فتحته من هموم حياتية.

 ومع أن حظوظ هذه الحركة، لا تزال محدودة، إلا أنها لونت المشهد الانتخابي اللبناني وأضافت له طعمًا مختلفًا، إذ إن اللوائح المشكلة من أعضاء الحركة ومناصريها، تشير إلى وجود مزاج انتخابي مختلف قد يغير من قواعد اللعبة السياسية الداخلية في لبنان، خاصة إذا ما حدثت مفاجآت تسمح بوجود فعلي  للحركة  في التركيبة البرلمانية المقبلة.

وحدها التحالفات العقائدية التي يجسدها تحالف حزب الله وحركة أمل، لا تزال تراهن على علاقاتها الخارجية، وارتباطاتها السياسية كرافعة لحملتها الانتخابية، إلا أن عدوى الاهتمام بالقضايا الحياتية انتقلت إلى برامجها الانتخابية، للدرجة التي جعلت أمين عام حزب الله، يتعهد بعدم الانسحاب من الحكومة أو الاعتكاف بل والتهديد  بالاحتكام للشارع في مسائل تتصل بحياة اللبنانيين، ما يدل على الأهمية المتزايدة التي بات الشارع اللبناني يمثلها في تشكيل التركيبة البرلمانية المقبلة.

مشوار التغيير في لبنان يبدأ مع الانتخابات المقبلة في السادس من مايو/ أيار، بخطوات صغيرة، لكن الواضح أن  ملامح هذا التغيير يمكن تلمّسها في السباق الانتخابي الجديد، وقد يتكرس هذا التغيير مستقبلًا، بمستويات أوسع  إذا أفرزت التشكيلة المقبلة تغييرًا في المضامين لا الرموز فقط.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com