تقاطع المسارات وتلاقي المصالح
تقاطع المسارات وتلاقي المصالحتقاطع المسارات وتلاقي المصالح

تقاطع المسارات وتلاقي المصالح

حسب المقولة المأثورة لحسني البورزان رحمه الله، "إذا أردنا أن نعرف ماذا في ... علينا أن نعرف ماذا في ..."، فإن المراوحة التي تمر بها تحضيرات مؤتمر جنيف2، تشير إلى أن الأزمة السورية ليست هي الموضوع الوحيد، أمام رعاة المؤتمر أو المشاركين فيه.

فما يرشح عن تلك التحضيرات أو ما يدور في كواليسها يشير إلى أن أزمات المنطقة كلها مطروحة للنقاش سواء داخل المؤتمر المنتظر أو على هامشه.

وفيما يبدو أنه تقاطع مسارات، وتلاقي مصالح، فإن كل أزمة من تلك الأزمات مرتبطة بالأزمات السابقة، أو متأثرة بتداعيات الأزمات اللاحقة.

فالمسار الفلسطيني المتعثر دائماً، يتحرك مجدداً على وقع التغير الكبير في المعادلة الأمنية الإقليمية، بعد أن كانت هذه المعادلة مسمار إسرائيل الدائم، الذي علقت عليه رفضها لكل المبادرات، وجعلته حجتها المزمنة في الامتناع عن الاستجابة للجهود الدولية من أجل حل القضية الفلسطينية، والاستمرار في سياسة القضم والضم.

وسوريا كانت نظرياً جزءاً من تلك المعادلة، وهي بسبب ذلك الارتباط النظري كانت تكبح جماح المفاوض الفلسطيني، وتعرقل كل مسعى لأغراض الممانعة الإعلامية، أو المماحكة السياسية، أما اليوم فهي خارج المشهد المقاوم والممانع، ومشغولة بهمومها وأولوياتها، بل إنها دفعت مسبقاً تطمينات على أنها غير معنية بالممانعة والمقاومة من خلال تخليها الطوعي عن الأسلحة الكيماوية وتعاونها الكامل من أجل تدميرها والتخلص منها.

المسار النووي الإيراني يتحرك هو الآخر وسط كلام عن مرونة إيرانية غير مسبوقة، والتزام بجدول زمني ينهي الطموحات النووية العسكرية لإيران ويستجيب للشروط الغربية ويمهد لعلاقات سياسية جديدة بين الطرفين، هذا المسار ما كان ليتحرك لو لم تدخل طهران بقوة على مسار الأزمة السورية، ولو لم تستخدمها في عملية المقايضة السياسية مع القوى الغربية المعنية بالملف النووي.

فإيران التي أرهقتها العقوبات الاقتصادية لم يكن أمامها إلا الورقة السورية لتفتح بها الحوار مجدداً مع هذه القوى، ولتحجز لنفسها مكاناً في قطار جنيف الذي ستكون محطته الأخيرة بالنسبة لها، لا للحفاظ على حليفها السوري، بل تأمين مصالحها الخاصة وعلى رأسها رفع العقوبات وإنهاء المقاطعة، هذا إذا لم يمتد لأبعد من ذلك باتجاه مصالحة وتطبيع مع إسرائيل يضمن لإيران دوراً إقليمياً معترفاً به.

والدول الغربية الراعية لجنيف2 ، تعلم أن رغبة إيران في المشاركة في جنيف2 ليس هدفها حل الأزمة السورية، بل الوصول إلى محطة تقودها لحلحلة أزماتها الأخرى، سواء مع الداخل المرهق بالعقوبات الاقتصادية أو مع الخارج ، الذي يشكل الاتفاق معه جسر عبور لها للخروج من العزلة الإقليمية والدولية، ولذلك وجدنا قبولاً غربياً سهلاً بالمشاركة الإيرانية في المؤتمر العتيد، بعد أن أظهرت إيران استعداداً واضحاً لدفع الثمن المطلوب خاصة في موضوع الملف النووي.



وإذا كانت القوى الإقليمية هي من يدفع أثمان الحلحلة إن تمت، فإن من يقبض هذه الأثمان هي إسرائيل. فبعد أن تخلصت من هاجس السلاح الكيماوي السوري هاهي تستعد لقبض ثمن من إيران قد يصل حد التطبيع، فضلاً عن دور إقليمي منتظر إذا وصلت عملية السلام إلى خواتمها كما يأمل الراعي الأمريكي.



أما القوى الإقليمية الأخرى فهي من يسدد الفواتير، إما بالتنازل عن حقوق وأدوار، أو بتعريض أمنها لمخاطر الاضطرابات الداخلية أو التهديد الخارجي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com