الصرامة السعودية في مواجهة سلاح حزب الله
الصرامة السعودية في مواجهة سلاح حزب اللهالصرامة السعودية في مواجهة سلاح حزب الله

الصرامة السعودية في مواجهة سلاح حزب الله

وضعت المملكة العربية السعودية حزب الله اللبناني، أمام اختيار بين التحول إلى حزب سياسي منزوع السلاح، حاله في هذا حال القوى السياسة اللبنانية الأخرى، أو التمسك بسلاحه والخروج من الحكومة، والتخلي عن المظلة، التي شرعت هذا السلاح، أو حمته.

هذا الموقف السعودي، الذي تبلّغه لبنان من أعلى المراجع في المملكة، لم يكن ممكنًا طرحه بهذا الشكل ، وهذه القوة ،  قبل تدخل حزب الله في الصراع الأهلي في سوريا، وقبل إعلانه الواضح بأنه جزء من المحور الإيراني؛ الذي يقاتل في سوريا دفاعًا عن نظام الرئيس بشار الأسد.

 تصدي السعودية لدور حزب الله، هذه المرة، يختلف عن المرات السابقة التي كانت فيها الرياض، تعبر عن مواقفها من الحزب، بكلام دبلوماسي ناعم حينًا، وحاد أحيانًا، دون أن يصل إلى هذه الدرجة من الوضوح، والصراحة، حتى لا نقول "الصرامة".

وظلت الرياض في كل المرات السابقة تأخذ في الاعتبار، وفي الحسبان، حساسية التركيبة الطائفية والسياسية اللبنانية وتتغاضى مكرهة، أو على  مضض عن كل ما يمثله الحزب من خطر على  الأمن السعودي وعلى استقرار وأمن المنطقة.

لكن الرياض، لم تعد -فيما يبدو- قادرة على هضم الدور الذي يلعبه حزب الله في لبنان أو في الإقليم، للدرجة التي بات فيها التحذير من هذا الدور جزءًا من المواجهة المفتوحة التي تقودها السعودية مع طهران في العديد من مناطق التماس التي تشهد تمددًا إيرانيًا سافرًا.

وعلى عكس سنوات مضت، حين كان لحزب الله شعبية في الشارع العربي بسبب دوره في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، فإن هناك تحولًا في المزاج السياسي للعديد من القوى السياسية داخل لبنان وخارجها إزاء التحوّل في  دورالحزب، كما أن هناك  تفهمًا متزايدًا، لمشروعية التحفظات على ذلك الدور، ومصداقية لما تطلبه المملكة، كشرط للتعاطي مع الحزب  كإحدى القوى السياسية اللبنانية المقبولة.

 فرغم أن الحزب، حاول تغطية حقيقة الدورالذي يلعبه في الساحة اللبنانية، وفيما بعد في سوريا وغيرهما من الساحات العربية، برفع لافتة المقاومة حينًا، والحرب على الإرهاب، والدفاع عمن اعتبرهم شركاءه في المقاومة  حينًا آخر، إلا أن هذا التبرير لم يعد  ينطلي على الشارع العربي، إذ سرعان ما تبين للقاصي والداني أن حزب الله، وخاصة بعد تدخله السافر في سوريا، أنه ينفذ مشروعًا سياسيًا طائفيًا في المنطقة تقوده وتموله إيران، وأن شعار مقاومة إسرائيل -الذي أعطاه شعبية في المنطقة  في مستهل العقد الأول من هذا القرن- هو نوع من الاستثمار السياسي لقضية وطنية وقومية، دون أن تكون له مضامين حقيقية، خاصة في ضوء التحولات والمتغيرات الإقليمية المتسارعة، وانكشاف الدور الإيراني المتزايد في إذكاء صراعات واضطرابات طائفية وسياسية في أكثر من بلد عربي، وتوظيفها لقوى سياسية وطائفية خدمة لهذا الدور.

السعودية تملك ثقلًا ماديًا ومعنويًا، للضغط على القوى السياسية المختلفة في لبنان لعزل، أو لجم حزب الله، ومنعه من الاستقواء بالسلاح لتحقيق أهداف سياسية، والبقاء رأس حربة لإيران في لبنان.

وليست السعودية هي الجهة الوحيدة التي تملك المبرر، والحجة لمطالبة حزب الله بالتوقف عن توظيف السلاح خدمة لأهداف إقليمية لإيران، بل إن هناك قوى عديدة في لبنان لديها القدرة على تفنيد الخطاب السياسي الذي حاول الحزب أن يبرر به احتفاظه بالسلاح دونًا عن بقية القوى السياسية اللبنانية الأخرى، وقصة المقاومة والممانعة التي يواجه بها كلّ من يطالبه بالتخلي عن هذا السلاح، لم تعد مقنعة؛ بعدما بات قادرًا على القيام بدوره المقاوم،- إن كان صادقا - عبر الجبهة السورية التي تسيطر فيها إسرائيل على أراضٍ واسعةٍ من هضبة الجولان وجبل الشيخ، والتي هي بالمساحة الجغرافية أضعاف مزارع شبعا - غير المعروف على وجه اليقين ما إذا  كانت لبنانية أم سوريه  -  والتي ظلت بمثابة قميص عثمان الذي برر به الحزب رفضه التخلي عن سلاحه، وتمسك به كعصا غليظة في وجه من يحاول ، إحراجه أو  إخراجه من  المعادلة السياسية  للبنان.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com