لا قمة خليجية بحضور قطر
لا قمة خليجية بحضور قطرلا قمة خليجية بحضور قطر

لا قمة خليجية بحضور قطر

كل المؤشرات تدل على أن القمة الخليجية لن تعقد هذا العام. ففي مثل هذا الوقت من السنة، جرت العادة، أن نشهد اجتماعات وزارية خليجية متوالية، لمناقشة الموضوعات والتقارير التي تتناول مختلف قضايا العمل الخليجي المشترك، تمهيدًا لرفع توصيات بشأنها لقادة دول المجلس. لكن الوقت الباقي على الموعد السنوي المعتاد للقاء القمة وهو ديسمبر المقبل، لا يبدو كافيًا للتحضير لها، ولا يسعف المسؤولين في دول المجلس لمناقشة الملفات العديدة المعروضة عليها.

الواضح أن منظومة مجلس التعاون تتعرض الآن، إلى امتحان وجودي، خاصة بعد أن أظهرت الوقائع في الأشهر القليلة الماضية، وخاصة مع اندلاع أزمة قطر مع الدول الخليجية، أن المجلس لم يعد مظلة واقية، لا من العواصف التي تهب على المنطقة من كل صوب، ولا من الخلافات الداخلية غير المسبوقة التي عصفت بكثير مما كان يعتبره البعض مسلمات في العمل الخليجي المشترك.

لم يكن يخطر على بال أحد في مراحل مسيرة التعاون المختلفة، أن يكون الخطر من الداخل الخليجي، وأن يكون هناك من بين دول المجلس نفسها، من يسعى لتقويض أمن الدول الأعضاء، ومن يحاول تفتيت المنظومة التي تجمع بينهم.

لكن يبدو أن العدوى، انتقلت وعلى غير انتظار وبفعل فاعل إلى الخليج، وبات مجلس التعاون، حاله في هذا، حال المنظمات الإقليمية التي يتوارى دورها أو يخبو بريقها، خاصة بعد أن تكشف الدور الذي لعبته قطر، وبعد رفضها التجاوب مع المطالب الخليجية، وإصرارها على جر دول الخليج إلى خلافات تجاوزت كل الخطوط الحمراء التي كانت تتوقف عندها - في العادة - الخلافات الخليجية الخليجية.

وكان أبرز ضحايا ذلك الدور التخريبي، منظومة مجلس التعاون، الذي وجد نفسه في حالة من الشلل والضعف ظن كثيرون، أنه محصن منها، بعد مسيرة حافلة قاربت 3 عقود، أثبت فيها المجلس، أنه نموذج يحتذى في العمل العربي، سواء لجهة انتظام اجتماعاته،  أوثبات عمل  مؤسساته.

وقد حاولت الدول الخليجية، أن تتجنب هذا المصير، واستنفدت، في سبيل ذلك كل المحاولات لإقناع الدوحة بتغيير طريقة تعاملها مع شقيقاتها في المجلس، وبذلت منذ 2013، محاولات متواصلة لإقناع القيادة القطرية بالتخلي عن سياسة التحريض التي اتسم بها خطابها الإعلامي، وسلوكها السياسي وحذرتها دون جدوى من أن هذا السلوك لا يضر بالعلاقات الثنائية فحسب؛ بل بمسيرة العمل الخليجي برمته مع ما يجره ذلك على أمن واستقرار المنطقة من ويلات.

الاتفاق بين السعودية ودولة الإمارات والبحرين على تحميل قطر مسؤولية العبث بأمن الخليج، لم يكن اتهاما تعسفيًا، ولا متسرعًا. فثمة وقائع وشواهد عديدة، دالة على ذلك، وهناك من التحذيرات والتنبيهات الكثير مما يصبح معها أو بعدها، السكوت شكلًا من أشكال الضعف، أو مظهرًا من مظاهر التواطؤ، فكان قرار المقاطعة الذي بات آخر الدواء لحالة باتت مستعصية، ومرضًا مزمنًا لا ينفع معه أي شكل من أشكال المهدئات أو أي نوع من أنواع المسكنات.

كثيرون توقعوا أن تنسحب قطر من مجلس التعاون كرد فعل على قرار المقاطعة، لكنها لم تفعل، رغم دعوات أصوات قطرية كثيرة للخروج من المجلس كرد اعتبار أو كتعبير عن الغضب من المقاطعة، ورفضٍ لها، لكن الدوحة تمسكت بعضويتها في المجلس، وفضلت بدلًا من ذلك الاحتفاظ بدور الشريك المشاكس، والعصا الغليظة، التي تعيق حركة العجلة الخليجية، وتمنعها من الدوران.

مجلس التعاون اليوم، أمام اختبار حقيقي وفي مفترق طرق، فإما أن يبقى مظلة عمل فعلي تدافع عن مصالح الخليج العربي وهويته، وإما أن يصبح شكلًا من أشكال الديكور السياسي، ومنبرًا لخطابات رنانة، ليس لها أيّ صدى حقيقي، أو تأثير فعلي، ولذلك فإن القمة قبل أن تعقد، وقبل أن يلتئم جمعها، مطالبة بالتصدي للورم الداخلي، والاهتمام بالمضمون، حتى لو أصاب شكل العمل الخليجي شيئًا من الوهن والارتباك. فأي تجاهل من قادة دول المجلس للخلاف القائم مع قطر، وعقد قمة بحضورها، ومشاركتها، سيكون بمثابة إعطاء شهادة حسن سلوك لنظام أساء لمسيرة العمل الخليجي أكثر مما أضاف إليها.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com