نجمة السيسي والعلاقة المصرية – السورية
نجمة السيسي والعلاقة المصرية – السوريةنجمة السيسي والعلاقة المصرية – السورية

نجمة السيسي والعلاقة المصرية – السورية

موفق محادين

ما يلفت الانتباه في شعار الفريق عبد الفتاح السيسي، وهو النجمة الخضراء، ليس مقارنته مع شعار المرشح حمدين صباحي، النسر، ولا مع شعار الاخوان (قبضة الاصابع الاربع الفارغة من الإرادة والفعالية والقوة، أي الابهام)، بل بمقاربتة مع علم الجمهورية العربية المتحدة ( 1958 – 1961) ومع الدلالات الأخرى لتسمية الجيوش المصرية والسورية.

والمقصود هنا، النجمتان الخضراوتان، وكانتا تعبيرا ًاقليمين آنذاك، الاقليم الشمالي والاقليم الجنوبي، سوريا ومصر، وذلك بعد مبادرة ابن البرجوازية الوطنية الشامية (السنية) شكري القوتلي والضباط القوميين في الجيش السوري، بطلب الوحدة مع مصر برئاسة ، زعيم الأمة وضميرها ، جمال عبد الناصر.

كما لا تزال الجيوش المصرية، تبدأ بـ الرقم " 2 " أو الجيش الثاني، تاركة، حتى اليوم، الرقم الأول للجيش السوري، الذي لا يزال يعرف في مصر وسوريا بالجيش الأول ...

وتكمن أهمية ومغزى ذلك بتأكيدات مصرية استراتيجية قديمة ، جديدة على أن سوريا هي خط الدفاع (الأول) عن مصر .

ومن اللافت للانتباه أيضاً أن، السيسي الذي انتقل من التحالف مع الاخوان إلى الصراع معهم، يكرر في هذا الجانب ما حدث مع الرئيس جمال عبد الناصر ، وكذلك المرحلة الانتقالية من الصراع مع محمد نجيب (يشبه المشير الطنطاوي) وتحالفاته مع الاخوان والليبراليين، إلى ترشيحه لرئاسة الجمهورية ... ولا ندري بالضبط ما هي آفاق العلاقة مع الامريكان، حيث بدات حسنة معهم في سنوات ثورة يوليو 1952 الأولى وانتهت بالصدام معهم لرفضهم مسألتين تعودان للظهور مجدداً في مصر، وهما: تسليح الجيش المصري بأسلحة حديثة، وحل مشكلة منابع النيل.

هذا عن الدلالات السياسية لرمز الحملة الانتخابية ومؤشرات أخرى، بيد أن الأهم من كل ذلك هو جذور التزامن في الانتخابات المصرية والسورية أيّا كانت موضوعيتها وظروفها والملاحظات عليها أو معها:-

1. إذا كانت دمشق ثم بغداد قد تناوبتا على زعامة الامبراطورية العربية في الحقبة الاسلامية، فإن القاهرة غدت مركز الأمة في حقبة الثورة الصناعية الرأسمالية، بالنظر إلى الشروط الاجتماعية والديموغرافية والثقافية والسياسية التي حازتها منذ القرن التاسع عشر.

وقد ترافقت هذه الشروط مع محطتين هامتين في التاريخ المصري (الحديث) ومع محطة أساسية أخرى في تاريخ مصر (المعاصر).

وكانت الأولى محطة صعود محمد علي بالتعاون مع فرنسا ، فيما كانت الثانية محطة (القطن) بالتعاون مع بريطانيا. فمع تداعييات الحرب الأهلية الأمريكية وخسارة المصانع البريطانية (قوام الثورة الصناعية آنذاك) للقطن الأمريكي، تحولت الأنظار إلى توسيع صناعة القطن المصرية، أما المحطة الثالثة، فكانت محطة السد العالي في أسوان، ومصانع الحديد والصلب في حلوان التي أطلقها جمال عبد الناصر بالتعاون مع موسكو.

ولعل فكرة الاقليم القاعدة للأمة ونهضتها ووحدتهها التي طرحها المفكر نديم البيطار وخص بها مصر ، وتابعه فيها المفكر ياسين الحافظ، قد ولدت من هذه المحطات.

2. من الملاحظ ان المحطات المذكورة لصعود مصر ونهضتها ، ارتبطت بنزعة مصرية نحو الشرق عموماً، ونحو الاتحاد مع سوريا خصوصاً، ومن ذلك حملة محمد علي على بلاد الشام ومحاولات مصر في نهايات القرن التاسع عشر ربط (ثورة القطن) مع موجة صناعة الحرير في لبنان وسوريا، ثم الوحدة المصرية – السورية 1958.

3. وقد شكل ذلك ما اعتبرته القوى الاستعمارية مخاطر جدية على مصالحها وأسواقها، فتكالبت في كل مرة على الوحدة المذكورة ، أيّاً كان على رأسها ، قوى برجوازية من طينتها (مشروع محمد علي) أو قوى قومية – اشتراكية (مشروع جمال عبد الناصر).

وقد عبرت عن هذا التكالب بأشكال وادوات وخطابات متعددة منها:

1. العدوان العسكري المباشر ، كما في حشد الجيوش(تركيا، بريطانيا، النمسا) ضد جيوش محمد علي في بلاد الشام وكما في عدوان حزيران 1967

2. دعم قوى الانعزال والانكفاء كما في دعم الانفصال السوري عن مصر الناصرية 1961 وفي دعم سياسات السادات الانكفائية

3. مواجهة الخطاب الوحدوي والقومي بذرائع ايديولوجية (محلية) أو عابرة للقوميات ومن صورة الأولى (الهويات الوطنية وعنوانها يا وحدنا) ومن صور الثانية تأويلات إسلامية على غرار الخطاب الإخواني ، وبعض اليسار العدمي.

4. على أن أخطر الأدوات الاستعمارية لمنع الوحدة ، هو إختراع الكيان الصهيوني وفقاً لوثيقة كامبل بنرمان ، التي لاحظت أن الخطر الحقيقي على مصالح اوروبا هو تفاهم أو اتحاد مصر وبلاد الشام مما يستدعي زرع حاجز غريب بينهما ، ولا أفضل من تهحير اليهود إلى فلسطين لهذه الغاية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com