استفتاء كردستان ثأر سياسي أم تعبير عن أمانٍ قومية ؟
استفتاء كردستان ثأر سياسي أم تعبير عن أمانٍ قومية ؟استفتاء كردستان ثأر سياسي أم تعبير عن أمانٍ قومية ؟

استفتاء كردستان ثأر سياسي أم تعبير عن أمانٍ قومية ؟

ليست الحكومة العراقية، هي التحدي الأقوى الذي يواجهه الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان، بل لعل معارضتها هي الحلقة الأضعف، في سلسلة طويلة من المعترضين أو المتحفظين على هذه الخطوة.

معضلة الأكراد ليست مع العراق، ومطالبتهم بالاستقلال الآن، ليست أكثر من محاولة ثأر تاريخي للصراع الذي خاضوه مع الحكومات العراقية المتعاقبة، ومحاولة لاستغلال ظرف الضعف الذي يعيشه العراق حاليا".

ولعل طابع المناكفة، أو الاستعراض الذي أخذته حملة حكومة الإقليم، لإجراء الاستفتاء، وإصرار فئات سياسية كردية، على استفزاز المشاعر، برفع الأعلام الإسرائيلية، دليل على الطابع السياسي للاستفتاء، وعلى منحى الاستقواء بالخارج، لمواجهة الاعتراضات في الداخل العراقي أو الإقليم المجاور.

الأكراد كقومية لا يتركزون في العراق، بل إن عدد الأكراد العراقيين، يمثل أقلية مقارنة بعددهم في تركيا، أو إيران، ومستوى الاعتراف بهويتهم القومية وثقافتهم ولغتهم وحدودهم الجغرافية في العراق، هو أفضل حالًا من جميع الدول المجاورة حتى في أيام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، التي تصنف كرديا على أنها من أكثر المراحل دموية في المواجهات بين الأكراد وحكومات دول الإقليم.

الكرد في تركيا، وفي إيران وفي سوريا، ليسوا أفضل حالًا من الأكراد العراقيين، والمشكلة القومية في هذه الدول، مشكلة إقليمية لا قطرية. بل إنها في دول الإقليم أصعب وأعقد، منها في العراق، والحرب التي اكتوى بها كردستان العراق يكتوي بها، ومنذ عقود أكراد تركيا وإيران، قبل أن تمتد إلى سوريا في السنوات الأخيرة.

الاستفتاء على استقلال كردستان العراق، في ظل المعطيات السياسية والجغرافية والأوضاع الدولية، مغامرة سياسية، وليس تعبيرًا عن الأماني القومية للشعب الكردي، ومبررات الاستقلال القومية الكردية تفقد مصداقيتها، إن لم تكن مستندة إلى وحدة القضية الكردية، وما يواجهه الأكراد في الدول الأربع من جنس واحد، اللهم إلا إذا كان الهدف من استقلال أي إقليم من الأقاليم الكردية الأربعة هو خدمة طموحات زعامات سياسية، لا أماني وطنية، أو استغلال لظرف سياسي موات لا ترجمة معطيات موضوعية حقيقية.

أكراد العراق يغامرون بمحاولة الاستقلال، فهم يفتحون الأبواب أمام صراعات إقليمية ليسوا قادرين على مواجهة تبعاتها وتحمل أعبائها، التي ليس أقلها الافتقار إلى منفذ يعطي لاستقلالهم معنى عمليًا، أو قدرة فعلية، وسيكونون محاصرين أو مهددين بالحصار في كل لحظة.

وحتى لو استطاع الكرد في العراق تجاوز هذه المصاعب، فإنهم سيجدون أنفسهم عاجلًا أم آجلًا، إما منخرطين في صراعات مع الدول التي يعيش فيها أبناء جلدتهم، أو حراسًا للحدود في مواجهة المعارضات الكردية المسلحة العابرة للحدود، أو التي قد تجد في كردستان العراق المستقل قاعدة انطلاق، ومظلة حماية تحفزهم لتصعيد مطالباتهم بالاستقلال، عن الدول التي يعيشون فيها.

المشكلة مع أكراد العراق بخلاف كافة دول المنطقة التي ينتشر فيها أبناء جلدتهم ليست مشكلة قومية، فهم يتمتعون بحكم ذاتي واسع، ويتقاسمون الموارد بأكثر من نصيبهم العادل، ويبنون قدرات تفتقر لها الأقاليم العراقية الأخرى. بل إن مستوى الإدارة الذاتية للإقليم، أعطاهم فرصة لإقامة علاقات خارجية مستقلة عن الحكومة الاتحادية، وهي أمور تفقد معها المطالبة بالاستقلال، أي معنى واقعي، وأي مبرر عملي.

ومع الاعتراف، بأن هناك الكثير من المشكلات المعلقة مع بغداد، أو مع بعض مكونات العراق القومية والمذهبية الأخرى، إلا أن هذه المشكلات لا يمكن حلها بالانفصال، بل من خلال توسيع الممارسة الديمقراطية التي تكفل للمواطنين العراقيين حقوقًا متساوية، ومناخًا متسامحًا مع الجميع بغض النظر عن القومية والمذهب والدين.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com