إبراهيم حاج عبدي
إبراهيم حاج عبدي

عام على الحرب الأوكرانية.. "السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ.."!

روسيا التي تتباهى بقوتها العسكرية، لن ترضى بالهزيمة، مهما كان الثمن، وأوكرانيا باتت مقتنعة، أكثر من قبل، أن معركتها مع الكرملين هي معركة وجود.

قبل عام، بالضبط، وفي مثل هذا اليوم الرابع والعشرين من شباط/فبراير انطلقت الحرب الأوكرانية. ومع بدء عداد السنة الثانية لا تلوح في الأفق أي آمال بأن النهاية وشيكة، بل على العكس فكل المؤشرات تقول إن ما جرى حتى الآن كان مجرد "بروفا" لمعارك قادمة، أكثر ضراوة.

وترجيح هذا السيناريو لا يأتي من باب النظرة التشاؤمية، وإنّما هو خلاصة لما قاله الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جو بايدن، عشية الذكرى السنوية الأولى للحرب.

أظهر الزعيمان في تصريحاتهما أن الهوة راحت تتسع على وقع هدير الدبابات، وأن ساحات الوغى هي المحك لا مكاتب التفاوض أو تقديرات المحللين، وهو ما يحيلنا إلى ما قاله أبو تمام:  السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ/ في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ.

بوتين أصر في خطابه على أن بلاده ماضية في الحرب، وأن الحسم سيكون في ساحة المعركة، فحسب، لا في مكاتب الدبلوماسية، فيما بايدن، من جانبه، شدد على أن الدعم الغربي لأوكرانيا سيتواصل بلا هوادة، وهذان موقفان متعاكسان، لا يفضيان سوى إلى نتيجة واحدة، وهي أن "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة".

بعد مرور عام، تبين أن الحرب لم تنتهِ في أيام قليلة كما أشاع الجنرالات الروس، مثلما لم يفر رئيس أوكرنيا، "الممثل الكوميدي"، من ساحات الوغى، كما رجح المحللون.

ورغم الكلفة البشرية والعسكرية والاقتصادية الباهظة للحرب، غير أن ذلك لم يشكل عائقا أمام المضي في المواجهة، والتحدي، وكأن الاثني عشر شهرا المنقضية قد غذت الروح القتالية لدى الطرفين، فروسيا التي تتباهى بقوتها العسكرية، لن ترضى بالهزيمة، مهما كان الثمن، وأوكرانيا باتت مقتنعة، أكثر من قبل، أن معركتها مع الكرملين هي معركة وجود.

وإزاء هذه "المعادلة مستحيلة الحل"، تراجعت الجهود الدبلوماسية التي نشطت في الأشهر الأولى من النزاع، عبر وساطات من عدة دول للتهدئة، لكن سرعان ما انحسرت مساحة السياسة والتفاوض على حساب توسع رقعة الحرب.

ومن الواضح أن الدول والحكومات التي دقت جرس الإنذار في بدايات الحرب وانهمكت في البحث عن حلول عاجلة وسريعة لأخطر حرب يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، قد تكيّفت مع تداعياتها، وخصوصا في مجال أمن الطاقة، فالكثير من الدول، وخصوصا في أوروبا، وجدت بدائل لغاز روسيا، الذي كان يمثل الشريان الرئيس للصناعة الأوروبية، مثلما أن موسكو، من جانبها، عرفت كيف تتعامل مع العقوبات الغربية المؤلمة، على الرغم من صعوبات لا يمكن نكرانها.

والسيناريو التصعيدي الذي يسلكه مسار الحرب، كما تشير المعطيات الحالية، قد لا يقتصر على رفع وتيرة المعارك، بل قد يصل إلى ما هو أخطر بعد الإعلان الروسي بالانسحاب من معاهدة نيو ستارت المتعلقة بالحد من سباق التسلح النووي. ورغم أن احتمال استخدام السلاح النووي ضئيل للغاية، نظرا إلى عواقبه المدمرة، لكنه خيار قائم.

إبراهيم حاج عبدي
الجمعية العامة للأمم المتحدة تطالب بانسحاب "فوري" للقوات الروسية من أوكرانيا

بعد مرور عام، تبين أن الحرب لم تنتهِ في أيام قليلة كما أشاع الجنرالات الروس، مثلما لم يفر رئيس أوكرنيا، "الممثل الكوميدي"، من ساحات الوغى، كما رجح المحللون، بل يستعد الطرفان لمبارزات جديدة.

حلفاء الطرفين كذلك لم تفتر عزيمتهم، بل تسلح كل طرف بمتطلبات المواجهة، المفتوحة على كل الاحتمالات، لكن أكثرها ترجيحا هو أن الأصابع ستبقى، في المدى المنظور، مثبتة على الزناد دون مراعاة لدروس التاريخ التي تقول إن أفضل ما في الحروب هو نهايتها...!

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com