نظير مجلي
نظير مجلي

القرارات الإسرائيلية ستزيد العمليات

واحد من الأمور التي يجب أن تشغل بال أصدقاء إسرائيل، هو: كيف يتخذ قادتها القرارات المهمة، التي يمكنها أن تؤثر على مواطنيها ومستقبلهم؟ فالشعور السائد هو ان أصحاب القرار هم أناس يعانون من نقص أشياء أساسية يحتاجها السياسي السوي الذي يريد الخير لشعبه.

في ليلة السبت – الأحد، عقد هؤلاء اجتماعًا لما يُعرف باسم "كابنيت"، وهو المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن والسياسة في الحكومة الإسرائيلية.. قبل الاجتماع بساعات، أصدروا بيانات وتصريحات تروّج لأهمية الاجتماع الطارئ والنية للخروج بقرارات غير مسبوقة لمواجهة العمليات الفلسطينية المسلحة، بعد العمليتين اللتين نفذتا في اثنتين من المستوطنات التي تقيمها إسرائيل في مناطق محتلة من القدس الشرقية، واللتين قتل فيهما 8 إسرائيليين وفلسطينيان اثنان.

الكراهية هي التي تدفع فلسطينيين آخرين للقتال ضد إسرائيل، قد يكون ذلك ردًا على عمليات إسرائيلية وقد يكون مجرد كراهية.

فقد قرروا ما يلي: "إغلاق منزل والدي الشاب خيري علقم، الذي نفذ عملية مستوطنة "نافيه يعكوف"، تمهيدًا لهدمه بالكامل، وسلب حقوق عائلات منفذي العمليات وحرمانهم من حقوقهم في مخصصات التأمين الوطني، وسحب بطاقات الهوية الإسرائيلية من عائلات منفذي العمليات، وتسريع وتعزيز تراخيص السلاح لآلاف المواطنين (الإسرائيليين)، وإجراءات لتعزيز المستوطنات التي من المقرر إقرارها خلال الأسبوع ردًا على عمليات إطلاق النار والاحتفالات التي أعقبتها، تعزيز قوات الشرطة والجيش، بالإضافة إلى تنفيذ اعتقالات واسعة وجمع السلاح غير المرخص".

تقرأ هذه القرارات وتصاب بالذهول؛ فما الذي يفكر فيه هؤلاء القادة، من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزراء الأمن والخارجية وحتى رؤساء الأجهزة الأمنية.. هل يصدقون أنفسهم بأنهم اتخذوا قرارات غير مسبوقة ستوقف العمليات؟

كل هذه قرارات قديمة جدًا، واتخذت في الماضي عدة مرات ولم تحقق شيئًا، ومَن يعرف الحقائق على الأرض يعرف بأن هذه القرارات بالذات يمكنها فقط أن تزيد من عدد العمليات الفلسطينية المسلحة وتجعلها أشد مرارة.. فهل يعقل بأن غرفة الاجتماعات لدى نتنياهو لم تحوِ قائدًا واحدًا يستطيع قول الحقيقة لبقية القادة ويوضح لهم أنهم بهذه الإجراءات إنما يخدعون أنفسهم وجمهورهم؟

إن العمليات الفلسطينية المسلحة لم تأتٍ بحثا عن امتيازات ومخصصات، ولم تتم بسبب غياب القوات الإسرائيلية عن الساحة، ففي الضفة الغربية تنتشر قوات هائلة من الجيش الذي يعد تاسع أكبر جيوش العالم.

وبحسب رئيس أركان الجيش الأسبق، أفيف كوخافي، نصف قوات الجيش القتالية موجودة هناك، ويقال إن رئيس الأركان الجديد هرتسي هليفي أضاف 20%، فأصبح 70% مكرسًا للفلسطينيين. والفلسطينيون هنا ليسوا جيشًا، كما تعرفون، ربما يعدون بضع مئات فقط من المسلحين، وغالبيتهم غير مدربين وغير منظمين وليسوا مقاتلين محترفين..

والشاب المقدسي الذي ينفذ عملية مسلحة ولا يأبه بأن يفقد حياته، هل يأبه لهدم بيت والديه؟ منفذ العملية الأول، خيري علقم، في الحادية والعشرين من العمر. ما دفعه لتنفيذ العملية هو الكراهية لإسرائيل، وهو السبب نفسه الذي دفع الطفل ابن 13 عامًا الذي نفذ العملية الثانية.. الكراهية هي أيضًا التي تدفع فلسطينيين آخرين للقتال ضد إسرائيل. قد يكون ذلك ردًا على عمليات إسرائيلية وقد يكون مجرد كراهية.

مَن يريد حقًا وبصدق أن ينهي عمليات الفلسطينيين، عليه أن يعالج هذه الكراهية.، لا حاجة لأن تتحول إلى حب، ولكن على الأقل أزيلوا أسبابها.

ومن أين تأتي هذه الكراهية؟ هناك مَن يدّعي في إسرائيل أنها ناجمة عن التحريض السياسي، وهذا ليس صحيحًا بل هو تضليل وتشويه لحقيقة يحاولون إخفاءها عن شعبهم وعن العالم أجمع. وهي: منذ العام 1967، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي حوالي مليون إنسان فلسطيني، والسجون الإسرائيلية وما يتعرض له الأسرى فيها يجعلها مصنعًا للكراهية.

وفي مختلف مناطق الضفة الغربية توجد حوالي 500 حاجز عسكري إسرائيلي، يمر به الفلسطينيون حتى يسمح لهم بدخول بلداتهم أو الخروج منها، وما يتعرضون له في بعض الأحيان من إذلال واهانات وتهكم، دون تفرقة بين رجل وامرأة، وكبير وصغير، وعامل وموظف، وطبيب أو محام أو مزارع، يجعله هو أيضًا مصنعًا للكراهية.

وفي الضفة الغربية توجد عمليات اعتقال يومية بحجة شل عمل التنظيمات المسلحة. ولكي يعتقلوا شخصًا ما يرسلون عشرات المدرعات على الأرض والطائرات المسيرة الفتاكة في الجو، مئات الجنود يطوقون البلدة، ويطوقون الحي ويحتلون أسطح المنازل، ويغلقون الطرقات ويداهمون البيوت، وهم يصرخون، ترافقهم كلاب شرسة، ويدبون الفزع في نفوس الأطفال والنساء، ويستفزون الرجال وكثيرًا ما يعتدون بالضرب.

هذه لوحدها مصانع كراهية. لا يوجد بيت فلسطيني لم يمر في هذه التجربة، إلا نادرًا، وهذا كله يضاف إلى الغضب من نكبة الشعب الفلسطيني وما جلبته من مآس، وضحايا، ونهب، وسلب، واستيطان..

فمَن يريد حقًا وبصدق أن ينهي عمليات الفلسطينيين، عليه أن يعالج هذه الكراهية، ولا حاجة لأن تتحول إلى حب، ولكن على الأقل أزيلوا أسبابها.         

أخبار ذات صلة
إسرائيل تغلق منزل الفلسطيني خيري علقم منفذ عملية إطلاق النار في القدس

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com