"الديزل" الروسي.. والحظر الأوروبي

"الديزل" الروسي.. والحظر الأوروبي

مع بدء سريان الجولة الثانية من عقوبات الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي، التي تشمل المنتجات المكررة مثل الديزل والبنزين والنفتا وزيت الوقود، من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تغيير الأسواق، وتبدل في طبيعة التدفقات التجارية بطريقة أكثر تعقيدا من تأثير الجولة الأولى على البترول الخام المنقول بحرا والذي دخل حيز التنفيذ في شهر 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

لقد ساعدت الخصومات الكبيرة التي تمنحها الشركات الروسية في الحفاظ على تدفق صادراتها من النفط الخام عند مستويات عالية، ولكن هل يمكنها أن تفعل الشيء نفسه مع منتجاتها المكررة بعد دخول حظر الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ؟

الإجابة على ذلك السؤال قد تتحدد عبر ثلاثة عوامل رئيسية وتشمل كمية المنتجات (خاصة الديزل) البديل المتاح لأوروبا، والخصومات التي سيطلبها المشترون غير الأوروبيين، وعدد السفن أو الناقلات المتوفرة التي يمكنها نقل المنتجات الروسية الى الأسواق الجديدة.

الدول العربية في شمال أفريقيا مثل المغرب ومصر قد ترفع وارداتها من المنتجات الروسية خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وسط توقعات أن تتحول المنطقة كمركز محتمل للتخزين وإعادة الشحن أو حتى للمزج.

في العام الماضي ، استوردت أوروبا (باستثناء تركيا) نحو 1.2 مليون برميل في اليوم من المنتجات النفطية المكررة من روسيا وفقًا لبيانات مؤسسة "إنرجي إنتلجنس" العالمية المتخصصة بشؤون الطاقة، واستحوذت روسيا على ما يقل قليلا عن نصف واردات دول الاتحاد الأوروبي من الديزل، في حين شكلت مبيعات الديزل إلى أوروبا حوالي 70% من متوسط صادرات الديزل الروسية البالغ 690 ألف برميل في اليوم في عام 2022.

ومع سريان الحظر، من المتوقع أن تتحرك المصافي الأمريكية والهندية وحتى الصينية لسد الفجوة في أوروبا، في حين يتطلع الاتحاد الأوروبي دخول مليون برميل في اليوم من طاقة التكرير الجديدة في دول الشرق الأوسط إلى الأسواق قريبا.

مع ذلك، لا تزال هناك مخاوف في مواجهة أوروبا عجزا خاصة في الديزل، نظرا لضيق الإمدادات العالمية، واحتمالات التأخير في تشغيل بعض المشاريع الرئيسية الجديدة، والتوقعات بتراجع الإنتاج الروسي، علاوة على عمليات التسليم الأكثر تكلفة بسبب طرق الشحن الطويلة وتعقيدات الحظر/العقوبات.

على الجانب الروسي رغم أن جميع الخيارات صعبة،  لكن الخصومات السعرية تعد قضية أساسية، حيث ساعدت الديزل الروسي والمنتجات الأخرى في بناء موطئ قدم في الأسواق الجديدة قبل سريان حظر الاتحاد الأوروبي.

وظهرت بالفعل طرق المسافات القصيرة نسبيا إلى شمال أفريقيا وتركيا باعتبارها أكثر الخيارات قابلية للتطبيق، حيث بدأت كل من المغرب وتونس ومصر وليبيا في شراء المزيد من المنتجات الروسية، كما عززت السنغال وغانا وساحل العاج وغينيا على الساحل الغربي لأفريقيا عمليات الشراء.

في هذا السياق يمكن القول إن الدول العربية في شمال أفريقيا مثل المغرب ومصر قد ترفع وارداتها من المنتجات الروسية خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وسط توقعات أن تتحول المنطقة كمركز محتمل للتخزين وإعادة الشحن أو حتى للمزج.

وهنا يمكن الإشارة على سبيل المثال إلى أن واردات المغرب من الديزل/زيت الوقود من روسيا زادت عشرة أضعاف على أساس سنوي بين أبريل/نيسان وديسمبر/كانون الأول الماضيين حسب شركة "كيبلر" المختصة في التحليلات والبيانات..

تشير التقديرات أن "أسطول الظل" الذي تديره الشركات الروسية يتراوح بين 320 إلى 400 سفينة تنقل الخام الروسي، وقد تنضم إليه 200 سفينة أخرى لنقل المنتجات المكررة وفقا لبيانات أوردتها شركة "ترافيجورا" العالمية لتجارة السلع.

في حين يمكن أن تساعد ما يسمى بـ"مقايضات المنشأ" الشركات الروسية، حيث يتم استبدال المنتجات الروسية المكررة مباشرة بالإنتاج المحلي في الأسواق التي لا تستورد الوقود في العادة، في تلبية حاجة أوروبا الكبيرة للديزل، تجري المقايضات بالفعل في تركيا ويمكن أن تنتشر على نطاق واسع في الشرق الأوسط وآسيا إذا كان السعر مناسبا.

وهناك بديل أكثر تكلفة يتمثل في استخدام الشركات الروسية الطرق البرية المؤدية إلى آسيا الوسطى وباكستان وإيران وكوريا الشمالية.

إلى جانب حجم الخصومات، ستعتمد أحجام صادرات المنتجات الروسية على توافر ما يطلق عليها الناقلات النظيفة المخصصة للمنتجات المكررة، وهنا يمكن القول إن روسيا أثبتت حتى الآن براعة في إيجاد حلول بديلة، بما في ذلك استخدام الناقلات التي تتمتع بحرية تجاهل شروط الاتحاد الأوروبي.

في الوقت الحالي، تشير التقديرات أن "أسطول الظل" الذي تديره الشركات الروسية يتراوح بين 320 إلى 400 سفينة تنقل الخام الروسي، وقد تنضم إليه 200 سفينة أخرى لنقل المنتجات المكررة وفقا لبيانات أوردتها شركة "ترافيجورا" العالمية لتجارة السلع.

وهناك السيناريو الأسوأ حيث يكون كل ذلك ليس كافيا، وتضطر الشركات الروسية إلى خفض إنتاج المصافي إذا تحولت الهوامش إلى سلبية، وبيع الخام بدلا من ذلك.

مثل هذا التفضيل يعني زيادة الصادرات المنقولة بحرا وربما خصما مستداما، وفي حال ترافق حصول هذا السيناريو مع تحقق التوقعات القائلة إن أسعار النفط الخام والمنتجات سترتفع عاجلا أم آجلا خلال العام الحالي، فإن المحصلة تعني إيرادات أكبر لروسيا، ومعاناة أطول للأوروبيين.

أخبار ذات صلة
قبل بدء حظر أوروبي.. روسيا تعزز صادراتها من الديزل إلى تركيا وأفريقيا

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com