غارة إسرائيلية تدمر مبنى من 3 طوابق بشكل كامل بالنبطية جنوبي لبنان

logo
اتجاهات

شعار "بيّ الكلّ" في لبنان.. وضحكات "كاتيوشا"

شعار "بيّ الكلّ" في لبنان.. وضحكات "كاتيوشا"
11 فبراير 2022، 2:32 ص

كاتي يمّين

لا توجد لفضاءات الذاكرة في سجلات القيد الوطني اللبنانية أي إضبارة رسمية خارج نطاق سياسات الفرز الطائفي والمذهبي الممنهجة؛ بالتوارث، في حياتنا اليومية، منذ عشرات السنين.

وفي هذه الأيام الصعبة من عام 2022، يصل اللبنانيون على اختلاف انتماءاتهم وهوياتهم الطائفية والمذهبية والحزبية إلى مفترق الحسم الانتخابي، برلمانيًا بعد أقل من مئة يوم، ورئاسيًا بعد قرابة الثمانية أشهر.

ويصبح بإمكاننا؛ تلقائيًا، أن نفتح شهية الذاكرة لإجراء مراجعة نقدية جادة ومنزهة للعهد اللبناني الحالي برئاسة العماد ميشال عون، بعيدا من مرض التموضع الطائفي والمذهبي والحزبي والمناطقي العتيق.

ولعل شعار "بيّ الكلّ" الذي رفعه الرئيس عون في بداية عهده العام 2016، بموجب توصية من مستشاره جان عزيز، يكفي لتشكيل حجر الأساس فوق أرضية المراجعة النقدية الآنفة الذكر.

فعندما رفع الرئيس اللبناني هذا الشعار، سارع إلى إقران القول بالفعل، وخصوصا لدى إقدامه؛ خلافًا لأسلافه من الرؤساء السابقين، على إعطاء التغطية السياسية الكاملة للمؤسسة العسكرية من أجل الشروع في شن حربها على الإرهاب فوق الأراضي اللبنانية..

هذا أدى إلى تفكيك الخلايا الإرهابية الصاحية والنائمة، قبل طردها تماما في أعقاب انتهاء ما عُرف في حينه بمعركة "فجر الجرود" العام 2017.

ومنذ ذلك التاريخ، راحت رمزية شعار "بيّ الكلّ" تتفاعل باضطراد في الساحة المحلية اللبنانية، كما في الأفقين الإقليمي والدولي، وإن اختلفت وتصدّعت مفاعيلها وأصداؤها في يومنا الراهن.

ولربما ليس من باب المبالغة القول إن المساحة الشاسعة في الوجدان الإنساني – تحت مظلة العقل الواعي والعقل الباطن – هي المساحة التي يُفترض أن تُغطّى من أجل إضفاء صفة "قُدس الأقداس" على العقل اللبناني في هذه الـ"هستيريا" الوطنية الرائجة.

ولعلّه ليس من باب المبالغة القول أيضا، إن الشرخ الحاصل بين العقلين: الواعي والباطن، ازداد انشطارا في الآونة الأخيرة، لاسيما بعدما أعلن الرئيس عون بنفسه، منذ قرابة العامين من الزمان، أننا - نحن اللبنانيون - ذاهبون إلى "جهنم".

وإذا كان من السابق للأوان، وسط ارتفاع وتيرة الـ"همروجات" الوطنية الحالية في لبنان، بالتزامن مع اقتراب موعد الاستحقاقين الانتخابيين البرلماني والرئاسي، الكشف عن هوية المبيع والمباع، فقد بات واضحا وجليا للعيان، أننا غارقون في "همروجة" سيناريوهات مرسومة لحاضر البلد ومستقبله – محليا وإقليميا ودوليا – من أجل "تطويعه" وإرغامه على السير في مسارات لا يشتهيها.

وبصرف النظر عن المصطلح "الجهنمي" الذي أضفاه الرئيس عون على أدبياته الرئاسية، يمكن القول، بكل أمانة، إن "جهنم" الفعلية باتت مطبقةً على حياة اللبنانيين وعلى دفتر يومياتهم، أكثر من أي عصر أو أي عهد مضى، وخصوصا في ظل الانهيارات المتتالية تباعا، جرّاء الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وإن الآتي من مقاطع قصيدة كتبتُها العام 2018 لدى رحيل والدي يمكن أن تفسّر المشاعر تجاه الأب تحت عنوان "عيناك يا أبي.. لغةٌ تعرّت رموزها..".

"بيني وبينك، يا أبي، لغةٌ تعرّت رموزها، على كثافة حضورك، والجسدِ الخافت - الجدارِ السراب - العالق بين هنا وهناك".
وأضفتُ: "ها جسدُك، المنهكُ من عناقيد الوقت، من تناعُسِ الأرق، تلمُّه ضحكات تلك الصغيرة كاتيوشا.. ها جسدُك، يقطفُ تناثُرَ الفرح من مآقي الطفلة الصبية، ومن تهافت حقولها، يزيحُ ترفَ الشمس وأشرعةَ الدفء..".

ونقول اليوم هيهات بين الأبوة الحقة وأدبيات الأبوة في الحاضر اللبناني الراهن!

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC