إعلام إسرائيلي: دوي صافرات الإنذار في منطقة الجليل شمال إسرائيل
دخلت منطقة الشرق الأوسط مرحلة حبس الأنفاس مُجددًا ليس انتظارًا للرد الإيراني، وإنما ردًا على التقارير الإعلامية التي تُشير إلى تسليم إيران الدفعة الأولى من الصواريخ الباليستية إلى روسيا والتي تضم حوالي 200 صاروخ باليستي من طراز فتح 360 وفاتح 110، في تحدٍ صريح للغرب وهو يمثل تصعيدًا كبيرًا في المنطقتين العربية والأوروبية.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الخارجية الأوكرانية، استدعاء شهريار أموزيجار القائم بالأعمال الإيراني للتعبير عن قلقها البالغ إزاء هذه التقارير، جاء التعليق الأمريكي على لسان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل قائلا: "نقل صواريخ باليستية إيرانية إلى روسيا سيمثل تصعيدا دراماتيكيا في دعم إيران لحرب روسيا على أوكرانيا، وأن بلاده على استعداد للرد على هذه الخطوة وعواقبها الكبيرة".
حُجة ومبررات
ووصف خبراء الصواريخ الباليستية الإيرانية التي زودت بها موسكو بـ"الفتاكة" نظرًا لقدرتها على تعقيد المشهد من ناحيتين، الأولى الحرب الأوكرانية الروسية والتي قد تحسم الصراع لصالح موسكو، والثانية، لفشل الاستراتيجية الأوروبية والدعم الغربي في تضيق الخناق الاقتصادي والعسكري على روسيا.
وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، إن الحلفاء الغربيين لديهم معلومات استخباراتية مؤكدة تفيد بأن طهران زودت موسكو بصواريخ باليستية، وأنه ستُفْرَض عقوبات جديدة على طهران حال التأكد الرسمي من هذه المعلومات وتسليم شحنة الصواريخ إلى موسكو.
ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، تورط بلاده في الصراع الروسي الأوكراني، قائلاً: "لا أساس لمزاعم الغرب بإرسال إيران صواريخ باليستية إلى روسيا، وأن طهران لم تكن أبداً جزءاً من الحرب بين روسيا وأوكرانيا".
وقال د. محمد صالح صدقيان، مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية، إن الغرب يحاول بين الفترة والأخرى تسليط الضوء على القضية الأوكرانية وإلقاء الضوء على فشل القوات الأوكرانية في حربها ضد روسيا من خلال نشر تقارير لم تثبت حتى الآن مدى صحتها، وهو ما تسعى إليه الآن مجددًا في قالب الدعم الإيران لروسيا وتزويدها بصواريخ "فاتح" و"فتح"، حتى يكون هناك حراك غربي كبير وحُجة ومبررات لزيادة الدعم الغربي لكييف لفرض سيطرتها على الأراضي الروسية.
وأشار مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية، في تصريحات لـ «إرم نيوز»، إلى أن اللجنة المشتركة بين طهران وكييف، والتي تشكلت في أعقاب الحرب الأوكرانية الروسية، والتي ضمت خبراء أوكران وإيرانيين من أجل فحص الدراسات والتقارير التي كانت تمتلكها أوكرانيا آنذاك، والتي تشير إلى استخدام روسيا للأسلحة الإيرانية في الحرب ضد كييف لن يثبت أن هذه الأسلحة إيرانية الصنع.
وأضاف أن هذا هو ما تسبب في إغلاق الأفواه الأوكرانية عن هذه التقارير غير الصحيحة، لذا لم تجتمع اللجنة هذه مجددا بسبب النتائج التي خلُصت إليها وعدم تورط إيران في الصراع الأوكراني الروسي، وأن اللجنة هذه إذا استمر عملها كانت تكشف للجميع وتحديدا الغرب عن الكثير من الحقائق وهو ما لم ترغب فيه الغرب ولا أوكرانيا معًا.
توجيه الأنظار إلى طهران
وعن التعاون العسكري بين موسكو وطهران، أكد صدقيان، في تصريحاته أن هناك تعاوناً وطيداً بين البلدين منذ أكثر من 20 عاماً، وأن هناك الكثير من الاتفاقيات العسكرية الموقعة بينهما، لذا فإنه بموجب هذه الاتفاقية يجرى تبادل الصفقات العسكرية، وهو ما كان يحدث قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية باعتبارها شيئاً طبيعياً وتنفيذًا لبنود هذه الاتفاقيات التي لن يتخلى أي من الطرفين عن التزاماته فيها.
وأضاف صدقيان أن هناك تناقضاً كبيراً بين ما يزعمه الغرب بعدم قدرة الصواريخ الإيرانية على ضرب إسرائيل وعدم قدرتها على التركيز على أهدافها، وبين مخاوفها الشديدة من تزويد موسكو بها، وأنها قادرة الآن على تغيير معادلة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وإذا كانت إيران تمتلك القدرة على تطوير وتصنيع أسلحة وصواريخ متنوعة، فإن روسيا ثاني أكبر دول العالم في هذا المجال لما تمتلكه من منظومات سواء صاروخية أو أسلحة فتاكة.
وتابع صدقيان: «لذلك فإن هذه التقارير بإرسال صواريخ فاتح وفتح الإيرانية لموسكو غير صحيحة إطلاقا، وكما تحدثنا سابقًا، فإن هدفها إغفال الضوء على الفشل الأوكراني في تحقيق النصر السريع، رغم الدعم غير المحدود لكييف على مدار الأشهر الماضية، بالإضافة إلى رغبة أوروبا في توجيه الأنظار إلى طهران في محاولة لمنعها عن الوفاء بوعدها بضرب إسرائيل ردًا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
في ذات السياق، قال د. ميكولا باستون الباحث السياسي الأوكراني، إن الصورايخ الإيرانية «فاتح وفتح» التي أرسلت إلى موسكو خلال الساعات الماضية ليست الأولى، فهي إمداد للدعم الإيراني الروسي منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما قد يثير تساؤلات لماذا ينتظر الغرب حتى الآن إعطاء الضوء الأخضر لضرب العمق الروسي، وإن كانت كييف حصلت على هذا الضوء باستخدام صواريخها لضرب القوات الروسية الموجودة على أراضيها، إلا أن هذا لن يكفي خاصة وأن موسكو تخطط الآن للتوسع في السيطرة على الأراضي الأوكرانية.
العقوبات الرادعة
وأشار الباحث السياسي الأوكراني، في تصريحات لـ "إرم نيوز" إلى أن القوات النظامية الأوكرانية ترغب في الحصول على الضوء الأخضر لضرب المطارات الروسية التي تستخدم هذه الصواريخ الإيرانية في مهاجمة الأراضي الأوكرانية، إلا أن الرعونة الغربية في تنفيذ هذه المطالب الأوكرانية سببا في التصعيد الروسي الإيراني كخطوة، ويأتي في أعقابها الدعم الكوري الشمالي للعمليات العسكرية الروسية في موسكو وهو ما قد ينهي آمال الأوكران في استعادة أراضيهم".
وأضاف باستون في تصريحاته، أن الدعم الإيراني بالصواريخ والمسيرات لم يكن بالمئات كما نسمع، ولكن بآلاف الأسلحة التي نشاهدها يوميا، ونسمع أصوات الانفجارات التي تخلفها على أرض الواقع، فإذا لم يكن هناك أدلة قاطعة على إيرانية هذه الأسلحة، إلا أن هناك تأكيدات وجزم بأن الأسلحة التي تستخدمها موسكو هي إيرانية الصنع.
وتابع في تصريحاته قائلا: "روسيا لن تكن بالقدرة الكافية لتحقيق هذه النجاحات على أرض المعركة دون الدعم الإيراني والكوري الشمالي، لذا يجب على الغرب التحرك فورا لمنع هذا التعاون وفرض المزيد من العقوبات الرادعة على إيران وكوريا الشمالية، باعتبارهما ضمن أعمدة الشر التي لا ترغب في تهدئة الأوضاع في كييف".
وأوضح الباحث السياسي، أن هذه الخطوة الإيرانية قد تعقد المشهد على القوات الأوكرانية في حربها ضد روسيا، والتي قد تنذر بحسم الصراع لصالح موسكو حال استمرار هذا الدعم دون اتحاد الناتو، والأذن لكييف بضرب العمق الروسي باستخدام الأسلحة الغربية التي تحتضنها كييف الآن.