شهد ميدان "الاستقلال" وسط العاصمة الأوكرانية كييف، والذي أصبح يطلق عليه "يورو ميدان" أو "الميدان الأوروبي" قبل 10 سنوات أولى التظاهرات الشعبية ضد الرئيس الأسبق فيكتور يانوكوفيتش الموالي لروسيا.
بدأ الربيع الأوكراني كما أطلق عليه في ذلك الوقت تيمنا بالحراك الذي كانت تشهده بعض الدول العربية في تلك الفترة.
وجاءت "ثورة كييف" بعد عرقلة الحكومة توقيع اتفاقية شراكة التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، على حساب توسيع العلاقات الاقتصادية مع روسيا، ما دفع المعارضة الأوكرانية باتهام نظام يانوكوفيتش، بالتآمر مع الكرملين في موسكو على حساب مصالح البلاد.
وتواصلت الاحتجاجات في مدن أوكرانيا الكبيرة، وتوسعت رقعتها يوما بعد يوم.
وكان عزل الرئيس وإجراء انتخابات مبكرة وإعادة الدستور لما كان عليه عام 2004 المطالب التي كان يؤكد عليها المتظاهرون والذين نجحوا بالفعل في نهاية المطاف بعد أشهر من المواجهات مع الشرطة وقوات الأمن، من تحقيق الأهداف بإسقاط النظام الحاكم الموالي لروسيا.
وغادر يانوكوفيتش البلاد في 22 فبراير/شباط 2014، تاركا وراءه السلطة لسياسيين موالين للغرب.
القرم وضربة روسيا الاستباقية
ما إن غادر يانوكوفيتش أوكرانيا، حتى قامت روسيا بتحريك جنودها باتجاه "القرم"، التي كانت ضمن الحدود الأوكرانية، وبدأوا بالسيطرة على المنشآت المهمة في شبه الجزيرة التي يشكل المواطنون ذوو الأصول الروس الأغلبية فيها، حيث يشكلون 65% من عدد سكان القرم البالغ عددهم مليونين تقريبا.
وبعد إنهاء السيطرة على المفاصل الحيوية في القرم قامت موسكو بتنظيم استفتاء يوم 16 مارس/ آذار 2014، انتهى بإعلان الانفصال عن أوكرانيا والانضمام إلى روسيا، ووقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 18 مارس /آذار من العام نفسه، قانون ضم شبه جزيرة القرم واعتبارها جمهورية تتبع لروسيا الاتحادية.
لم تعترف السلطات الأوكرانية الجديدة في هذا الاستفتاء واعتبرته غير شرعي، فيما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا جراء ضمها لجزيرة القرم، فيما أكدت الأمم المتحدة أن شبه جزيرة القرم جزء لا يتجزأ من أوكرانيا.
بعد أربع سنوات من سيطرة موسكو على الأراضي الجديدة مدت روسيا جسرا بين أراضيها، وشبه جزيرة القرم، يمتد عبر مضيق كيرتش، في رسالة واضحة لكييف والغرب بأن هذه الأراضي لن تخرج مرة أخرى من الحدود الروسية.
أزمة امتدت لسنوات وانتهت بحرب
لم تنته الأزمة بضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، بل استمر صراع مسلح في إقليم دونباس الذي يتبع لأوكرانيا رسميا، لكنه كما حال شبه جزيرة القرم يشكل المواطنون من الأصول الروسية الأغلبية بهذا الإقليم.
وقبيل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية بسنوات حاولت موسكو وكييف حل النزاع بالمفاوضات، وفعليا شاركت حكومتا البلدين بعدة جولات من المفاوضات وتوصلوا لتفهمات لكنها لم تكن كافية لإنهاء الصراع العسكري الذي كان مندلعا في دونباس بين قوات عسكرية موالية لروسيا من سكان الإقليم وبين الجيش الأوكراني.
وفي فجر الـ24 من شهر فبراير العام الماضي، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا من قبل القوات المسلحة الروسية التي تركزت سابقا على طول الحدود، وأطلق بوتين على هذه الحرب "العملية العسكرية لحماية دونباس".
وقبيل إعلان الحرب بأيام قليلة اعترفت الحكومة الروسية رسميا بجمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية كدولتين مستقلتين، واللتين تشكلان ما يعرف بإقليم دونباس.
وما زالت الحرب مستعرة حتى يومنا هذا بين روسيا وأوكرانيا والتي تلقت وما زالت تتلقى مساعدات عسكرية ومالية ضخمة من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلا أن المعارك وصلت إلى مرحلة الجمود العسكري دون أن ينجز أي طرف اختراقا يذكر على الجبهة.
مرت عشر سنوات على الحلم الأوكراني بالانضمام إلى أوروبا، وخلع العباءة الروسية، بيد أن كييف لم تحقق ما طمحت إليه حتى يومنا هذا، وكل ما عاشته البلاد خلال هذا العقد هو خسارة المزيد من الأراضي والدخول في حرب لا يعرف أحد متى تنتهي.