غارة جديدة على الضاحية الجنوبية لبيروت (اعلام رسمي)
أثار إعلان أمريكا عن تركيز جهودها على جنوب ليبيا، التي تشهد أزمة أمنية وسياسية معقدة، تساؤلات حول دلالات ذلك، خاصة أن مراقبين ربطوها بما يحدث في الساحل الأفريقي من توترات، وتدخل روسيا في دول مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
وقال المبعوث الخاص للولايات المتحدة الأمريكية إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، إن بلاده "تتبنى اتجاها جديدا يركز على جنوب ليبيا"، في وقت بدأت تلوح فيه مؤشرات عن نهاية أزمة المصرف المركزي الليبي، التي كادت تدفع البلاد إلى جولة جديدة من التصعيد العسكري.
واعتبر المحلل السياسي الليبي إسماعيل السنوسي، أن "اهتمام الولايات المتحدة بليبيا هو أساسا ليس بالجديد؛ لأنه كان لها دور تاريخي في دعم استقلال ليبيا عام 1951، وكانت علاقتها بين شد وجذب مع الدولة الليبية بحسب طبيعة النظام الحاكم".
وبيّن، لـ"إرم نيوز"، أن أمريكا "تضع دائما ليبيا موضع اهتمام ورعاية، من حيث وجوب أن تكون المنطقة آمنة ومستقرة، ومن أجل تدفق النفط والغاز إلى الأسواق العالمية حسب ما تقرره ظروف هذه السوق".
وأضاف السنوسي، أنه "في الوقت الحالي ازداد اهتمام الولايات المتحدة، ولم يعد مرتبطاً فقط بموضوع الطاقة والنفط، بل بملفات أخرى مثل الإرهاب، حيث كان موقف الولايات المتحدة من التصدي له ودعم الليبيين في ذلك موقفا إيجابيا".
وأكد أنه "يمكن تفسير الاهتمام الأمريكي بالجنوب الليبي أيضًا من خلال التواجد الروسي والصيني في القارة الأفريقية بشكل عام وفي ليبيا بشكل خاص"، لافتًا إلى أن ذلك "التواجد يشكل حساسية من قبل الدبلوماسية الأمريكية".
ورجح السنوسي أن يكون الاهتمام الأمريكي "متعلقًا بالليبيين، الذين إذا استطاعوا توحيد صفوفهم والدخول في مسار سياسي ينتهي بانتخابات من أجل شرعنة المؤسسات الوطنية واستعادة سيادة الدولة الليبية"، متوقعًا "أن تكون هناك علاقات جيدة مع الولايات المتحدة ومع الدول الأخرى".
وأكد أن "أمريكا ترى ضرورة تحقيق الاستقرار في ليبيا؛ لأن غياب الاستقرار سيجعلها ساحة للصراع بين أوروبا والصين، وروسيا والولايات المتحدة أيضًا، ودول إقليمية أخرى مثل تركيا وإيران".
واعتبر السنوسي أن تلك "التدخلات والصراعات ستنعكس على الأمن القومي الليبي، وهي انعكاسات تتجسد بشكل كبير في الجنوب، حيثُ هناك فراغ كبير ومشكلات يصعب معالجتها مثل الهجرة غير النظامية والتنظيمات الإرهابية التي تحاول اتخاذ المناطق الصحراوية ملاذا لها".
من جانبه، رأى المحلل السياسي محمد محفوظ، أن "تصريح الأمريكيين عن الجنوب ليس وليد اللحظة، بل سبق أن تحدث عن نفس الموضوع نورلاند نفسه".
ورجّح، في حديث لـ"إرم نيوز"، "أن الاهتمام والتركيز بالجنوب من خلال مشاريع تنموية وفرص عمل وتطوير، يأتي ضمن إستراتيجيات الولايات المتحدة لمواجهة التمدد الروسي، حيث تتواجد موسكو في الجنوب، وفي قواعد مثل براك الشاطي، وتمنهانت، وقاعدة الجفرة".
وأوضح محفوظ أن "الجنوب يُعتبر أيضًا خط إمداد للقوات الروسية الموجودة في النيجر ومالي وأفريقيا الوسطى؛ لذلك أعتقد أن التركيز على الجنوب والاهتمام به، بحسب ما تدعي الولايات المتحدة، الهدف الرئيس منه مواجهة النفوذ والتمدد الروسي".
وتساءل محفوظ قائلًا: "بأي آليات ستواجه الولايات المتحدة الأمريكية التمدد الروسي؟ من خلال الحكومة المكلفة من البرلمان التي تسيطر على الجنوب، أم من خلال الذهاب مباشرة إلى السلطات المحلية؟ أي طرف ستتعامل معه؟"، معتبرًا أن "هذا أمر يكتنفه الغموض".